من الواضح أن الدول الغربية بحكم ديمقراطياتها وحرياتها المزعومة لا تتعظ جراء ردات الفعل الغاضبة من جانب المسلمين في جميع أنحاء المعمورة تجاه إهانات شتى لحقت بهم في الآونة الأخيرة. فبالأمس القريب هب العالم العربي والإسلامي في تظاهرات عاصفة ضد الولايات المتحدة بعد قيام محققين أميركيين في معتقل غوانتنامو سيء الصيت بتدنيس القرآن الكريم،فسقط اثر ذلك ضحايا كثيرون.وسبق ذلك أن خرجت جماهير المنطقة في مسيرات معادية للتوجهات الاستفزازية الأميركية بغزو دولة ذات سيادة هي العراق،إذ عكف كثير من المسلمين على مقاطعة المنتجات الاميركية ،وعلى رأسها مأكولات «ماكدوناليز».ولم تهدأ الأمور حتى أطلت علينا وسائل الإعلام في الدول الاسكندنافية ببدعة كبرى أخرى تمثلت في تشويه شخصية النبي (ص).
ومن سخرية الأقدار أن أولئك الذي تعرضوا لشخصه (ص) في صحيفة «جيلاندس بوستن» الدنماركية لا يعرفون شيئا عن نبينا ولم يقرأوا عنه. فقد سئل مسئول القسم الثقافي المعني بالكاريكاتور في الصحيفة من قبل هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» هل يعلم شيئا عن الرسول(ص)؟ فأجاب كلا ،اعلم عنه القليل، انه رجل عاش قبل 1400 سنة (فقط هذا ما يعلمه). فردت عليه المذيعة، فكيف تنشر عن شخصية وأنت لا تعلم عنها شيئا؟ قال إنه مجرد تخمين لشخصه (ص) وتعبير عن الرأي، لا يقصد منه إهانة المسلمين. لكن التمادي في الخطأ مع سبق الإصرار جاء حينما أعادت صحف أوروبية أخرى نشر الرسوم تضامنا مع الدنمارك. وهكذا نلاحظ أن هذه الجريمة النكراء أصبحت منظمة ،عمت كل دول الاتحاد الأوروبي. وتحاول الحكومات الغربية التهرب من مسئولياتها وأخذت تنأى بنفسها عما تنشره الصحافة وهي ذات الحكومات التي تكيل بمكيالين تجاه أمور أخرى مثل الخوض في المحرقة اليهودية (الهولوكوست) أو ما تسميه بمعاداة السامية. لكن عندما يتعلق الامر بمقدسات المسلمين تدخل القضية ضمن حرية التعبير،وهي تعلم أن حرية الفرد تنتهي عند حدود إيذاء الآخرين، وبالتالي التعدي على شخصية نبي الإسلام من أكبر الإيذاء للمسلمين بحكم الآية «النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم». (الأحزاب: 6) وبالطبع هذه الإساءة لا يتضرر منها العالم الإسلامي فحسب ولكن أيضاً رعايا الدول الغربية حينما يتصاعد العنف والإرهاب ضدهم. ولذلك على الشعوب والحكومات المحبة للسلام يقع عبء تفعيل مكافحة ظاهرة التطرف الغربي هذه من خلال سن تشريعات دولية تودع لدى الأمم المتحدة (التي طالما تواطأت أيضاً ضد المسلمين بصمتها) تجرم المساس بالمقدسات والرموز الدينية وإلا لن يكون هناك وجود للتعايش السلمي بين الحضارات.
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1247 - الجمعة 03 فبراير 2006م الموافق 04 محرم 1427هـ