اللقاء مع الملك حمد أمس الأول كان مفرحاً للقلوب من جوانب عدة، فبالإضافة إلى الصراحة التي تحدث بها، وأريحيته وتواضعه، فإن جلالته أكد ضرورة استمرار الصحافة المعبرة عن الرأي العام، وانه يقف ضد تجريم الصحافي لمجرد تعبيره عن رأيه. الملك قال إن الحرب الآن معلنة على الفساد، ودعا إلى أن «يتجرأ» من هم مسئولون ومعنيون على الكشف عن الفساد الإداري والمالي وان يصدعوا بما يعلمون من ممارسات فاسدة، لكي يتم التصدي لها.
الملك تحدث عن خطة جديدة تعدها اللجنة العليا للإسكان خلال شهر أو شهرين تهدف إلى النظر في «إمكان» منح كل «مواطن مستحق» قطعة أرض مجانية، وإذا لم تتمكن الدولة من ذلك، فيجب ايجاد بدائل. كما قال جلالته ان هناك أراضي مسجلة باسم الديوان الملكي حول القرى، وان أهالي القرى يستطيعون استكشاف الأمر من حولهم، وان كانت مناسبة فبالامكان منحهم إياها من أجل مشروعات إسكانية أو عامة.
الملك استقبل عدداً من الاسئلة الحساسة برحابة صدر، معتبراً ان الشعب البحريني الذي يعبر عن رأيه بحرية يعتبر قوة ودخراً للوطن، لان ذلك دليل على الحيوية التي تميز أي مجتمع له عمق حضاري وتمتلك قيادته بعد نظر. وعليه، فقد اعتبر الملك أن قرار المقاطعين بالمشاركة - عند استكماله - سيكون من أجمل الأيام بالنسبة إليه لأن مختلف الآراء ستطرح نفسها من داخل المؤسسة الوطنية، وان الجماعات المقاطعة لا تنقصهم الخبرة أو الغيرة على الوطن، وهم جزء لا يتجزأ من العملية السياسية البحرينية.
الملك اعتبر أن ما حدث من اصلاحات لم يكن سوى «استرجاع» الشعب لما كان لديه من انتخابات بلدية وبرلمانية وحق للمرأة في التصويت ونقابات عمالية، وأن ما حصل عليه الشعب مازال «أقل» مما يستحق، وأن المسيرة تتطور مع التجربة آخذين في الاعتبار الظروف الإقليمية المحيطة بنا.
ربما من أهم الجوانب التي تناولها الملك في حديثه هي إشارته إلى أن كل شيء ممكن، ولكن ينبغي ان تكون هناك طريقة مناسبة لطرح المطالب، وان يكون هناك توافق في الرأي على أمر ما، وأن الصحافة يمكنها ان تلعب دورها التنويري من خلال عكس وجهات النظر، ومادام الالتزام بالنهج الدستوري السلمي هو السبيل، فإن بامكان المؤيد لفكرة، والناقد لها، ان يتطارحا الرأي بما يخدم المواطنين الذين يمثلون الهدف الأول للعملية التنموية.
وهناك جانب مهم أيضاً، وهي إشارة الملك إلى ان عهد الوزير الذي يستمر في منصبه عقدين أو ثلاثة أو أربعة عقود قد ولى، وان الوزير قد يعين لأربع سنوات وتجدد له أربع سنوات أخرى، لكن من دون ان تتحول الوزارة إلى ملك خاص له يتصرف فيها كيفما يشاء. وهذا يعود بنا إلى نقطة محاربة الفساد التي نتحدث عنها كثيراً، ولكننا مازلنا نفتقد الوسائل الناجعة لتفعيلها بشكل يقضي على الفساد. وان كان لدي من اقتراح للناشطين في الشأن العام، فهو قراءة ما جاء في حديث الملك، ومن ثم تحديد الأولويات بحسب ما جاء في خطاب قائد المشروع الإصلاحي... ونحن بإذن الله «ذراع» للإصلاح المنشود
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1247 - الجمعة 03 فبراير 2006م الموافق 04 محرم 1427هـ