استهلت وكالة أنباء الشرق الأوسط هذا الأسبوع بخبرٍ طريفٍ عن مقلبٍ شربه الرئيس الفرنسي جاك شيراك، حين اتصل به مواطن كندي عن طريق الهاتف، مدعياً أنه رئيس وزراء كندا الجديد!
الرئيس الفرنسي العبقري الذي طرح قبل أسبوع من ذلك إمكان استخدام السلاح النووي لضرب دول وقادة دول أخرى تعارض السياسات الغربية وتهدّد مصالح بلاده الاستراتيجية... هذا الرئيس أخذ يهنئ رئيس الوزراء الكندي «المزيّف»، وقدّم له خالص التهنئة القلبية على توليه المنصب الجديد!
من حسن حظ الفرنسيين، الذين كانوا بحاجةٍ إلى اكتشاف جانبٍ من شخصية رئيسهم المتهوّر، صاحب نظرية «الضرب النووي» (في الفاضي والمليان!)، أن راديو «فرانس انفو» أذاع تسجيلاً للمحادثة الهاتفية (الفضيحة) صباح ذلك اليوم، ولولا ذلك لكان من السهولة بمكان أن يخرج أمام مجموعةٍ من الصحافيين ليكذب الخبر، ولينفي حصول مثل هذا المقلب من الأساس، لكي لا يظهر في مظهر الرئيس الأهبل!
المحادثة كشفت أن الرئيس شيراك بدأ يتطرّق مع المواطن الكندي (الطريف) إلى الحديث عن العلاقات الفرنسية - الكندية المتميّزة، واسترسل في الحديث عن آفاق التعاون الثنائي بين البلدين اللذين تربطهما أواصر المحبة والمودة والتاريخ المشترك! هذا والمواطن الكندي يجيب عليه محاولاً أن يضبط نبرات صوته لئلا يضحك، مفتعلاً الجدية، مع محاولة تقديم نفسه في صورةٍ محببةٍ، عبر ردود حاول أن تكون طريفة.
فى نهاية المكالمة اعترف المتصل للرئيس الفرنسي بأن «الأمر كله مجرد مزحة»! فما كان من شيراك الطويل إلاّ أن ضحك وأنهى المكالمة! الوكالة قالت إنه أنهاها بشكر المتحدّث على الطرف الآخر من الخط، وهو أمرٌ محتملٌ، إلاّ أن الأكثر منطقياً هو أنه أنهاها ووجهه محمرٌ خجلاً على هذه الفضيحة التي لم تحدث حتى للرئيس السنغالي السابق ليوبولد سنغور، أو لامبراطور جمهورية إفريقيا الوسطى جون بوكاسا الفحل، الذي خلف 62 ابناً من البنين والبنات! ولو حدثت لأي منهما لاكتشفها في طرفة عين!
للأسف فإن الشخص المتصل لم تعرف هويته، ولو كان معروفاً، لأصبح نجماً في عالم الصحافة، التي ستجري خلفه لأخذ مقابلةٍ خاصةٍ تسأله عن تفاصيل المقلب الرئاسي، ولتخرج الصحيفة بالمانشيت العريض لتسجّل سبقاً صحافياً: «الرجل الذي خدع شيراك»!
الخبر المثير الذي أوردته الوكالة على كل حالٍ يبدو ناقصاً، لا يلبي نهم القارئ، ولا يشبع جوعه لمعرفة تفاصيل الفضيحة، مع ذلك من السهل على المرء أن يتخيل، كما حدث لي، تكملة الخبر على النحو التالي: شيراك يغلق خط الهاتف غاضباً، محمر الوجه، وهو يطلق سيلاً من الشتائم في أذن المتجاسر على مقام الرئاسة الفرنسية، لم يسمع مثلها في حياته قط، وبصوت مزمجر جداً. الطرف الآخر على الخط ينزل سماعة الهاتف، يقلّب شفتيه امتعاضاً من هذا البذئ... ويردّد بصوتٍ خافت: «صحيح ما قالته العرب في أمثالها: كلُّ طويلٍ أهبل، (نمزح معاه سوّاها صدق هالغبي»
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1246 - الخميس 02 فبراير 2006م الموافق 03 محرم 1427هـ