العدد 1246 - الخميس 02 فبراير 2006م الموافق 03 محرم 1427هـ

هل تفتح الطريق للديمقراطية أم هي مقدمة للتمزق؟

نتائج الانتخابات العراقية...

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

أثارت الانتخابات العراقية لانتخاب أعضاء الجمعية الوطنية (البرلمان) الـ 275 جدلاً واسعاً بشأن شرعيتها ونزاهتها ونتائجها، وهذا الجدل مستمر منذ إجراء الانتخابات بتاريخ 15 ديسمبر/ كانون الأول .2005 حتى إعلان النتائج النهائية يوم 21 ديسمبر/ كانون الأول 2006 أي بعد أكثر من شهر من إجرائها.

ومما فاقم من الخلاف بشأن نتائج الانتخابات في أوساط الشعب العراقي والقوى السياسية الرئيسية إلغاء المفوضية العليا للانتخابات لما يقارب 250 صندوقاً من صناديق الاقتراع لاقتناعها بوجود تزوير في المراكز الانتخابية التي أتت منها هذه الصناديق وعدم اتفاق القوى السياسية الرئيسية عما قررته المفوضية العليا بما يترتب من إبطال أوراق هذه الصناديق، إذ اعتبرت الكيانات السياسية الرئيسية نفسها متضررة من هذا القرار.

المشكلة الثانية تتمثل في أن نتائج الانتخابات لا تخول تلقائياً من يملك الغالبية تشكيل الحكومة، وهيئة الرئاسة، وهيئة رئاسة الجمعية الوطنية، ففي ظل الانقسام والاستقطاب القومي والطائفي الحالي، والحرب غير المعلنة في ظل الاحتلال الأميركي والمقاومة ضده، وعمليات الإرهاب الجارية، والخلافات العميقة بين القوى السياسية والطائفية والقومية، فإن التوافق بين الكيانات السياسية الرئيسية لتشكيل حكومة ائتلافية ومجلس رئاسة ائتلافي ومجلس رئاسة المجلس الوطني الائتلافي، لا مناص منه ولا يتطابق التمثيل في هذه المؤسسات الثلاث بالضرورة مع نتائج الانتخابات.

ومن الواضح أن التجاذب بشأن صحة نتائج الانتخابات سيستمر، إذ تنوي الكيانات السياسية رفع شكاوى إلى المحكمة الدستورية بشأن صحة النتائج النهائية وحصصها من مقاعد الجمعية الوطنية، كما ستستمر المساومات بشأن تمثيل الكيانات السياسية في المؤسسات الثلاث (الوزارة، الرئاسة، الجمعية الوطنية). في الوقت ذاته فإن الانتخابات لم تنه الخلاف بشأن مصير الاحتلال وقواته ولم تضع حداً للعمليات الإرهابية، ولم تخلق وفاقاً بين القوى السياسية الرئيسية بشأن الثوابت الوطنية المطلوبة.

لكن هناك مراهنة من قبل الكيانات السياسية الرئيسية على أن انعقاد الجمعية الوطنية واستمرارها وتشكيل حكومة وحدة وطنية وهيئة رئاسة توافقية، سيعزز العملية السياسية الجارية، ويسهم في عزل قوى الإرهاب وخصوصاً تنظيم القاعدة في منطقة الرافدين بقيادة الزرقاوي ويضعف تلاحمها مع تنظيمات المقاومة المحلية، التي يمكن استيعابها من خلال مفاوضات معها، وإدماجها في العملية السياسية. وهذا بدوره سيسهم في تعزيز الاستقرار، والعملية السلمية وعملية البناء والاعمار ومن ثم تأمين نظام ديمقراطي شرعي مستقر.

فما هي حظوظ الاحتمالين؟

نتائج الانتخابات

تقوم الانتخابات العراقية لانتخاب 275 عضواً بالجمعية الوطنية على المبادئ الآتية:

1) تشكل الكيانات السياسية لوائح تختار هي اسمها وتختار المفوضية العليا رقم وشعار اللائحة.

2) تخاض الانتخابات على مستوى المحافظات الـ 17 أي أن نصيب كل قائمة من النواب المخصصين للمحافظة يتناسب مع الأصوات التي تحصل عليها ومجموعها 230 مقعداً.

3) خصص 20 في المئة من المقاعد الـ 275 للنساء، ويتوجب على أن يكون على كل لائحة 20 في المئة من النساء.

4) ينص قانون الانتخابات على توزيع 230 مقعداً من أصل 275 مقعداً لمجلس النواب على المحافظات وتوزيع 45 مقعداً كمقاعد تعويضية ومقاعد وطنية.

5) أي كيان لم يحصل على مقعد على مستوى محافظة، وحصل على مجموع الأصوات على المستوى الوطني بما يساوي أو يزيد عن الحد الأدنى من الأصوات الانتخابية تحتسب له مقاعد تعويضية من الـ 45 مقعداً وما يتبقى من المقاعداً، يحتسب ضمن حصة المقاعد المحتسبة على أساس وطني.

6) يقسم العدد الإجمالي للأصوات التي أدلي بها على المجموع الكلي لمقاعد مجلس النواب وعددها 275 ويسمى ناتج القسمة «بالحد الوطني».

7) ما يبقى من المقاعد الـ 45 يسمى مقاعد وطنية، وتوزع فيما بين اللوائح المتنافسة تبعاً لنسبة الأصوات التي حصلت عليها على النطاق الوطني.

8) لا تحتسب أصوات المقترعين خارج العراق في احتساب مقاعد الكيانات السياسية على مستوى المحافظات، ولكنها تحتسب كأصوات على النطاق الوطني وتكون مستحقة لمقاعد برلمانية من الحصة التعويضية المنضمة في الـ 45 مقعداً.

البيئة السياسية للانتخابات

إن البيئة السياسية التي تجري في ظلها الانتخابات العراقية بيئة غير طبيعية من عدة نواح:

.1 إن الانتخابات تجري في ظل احتلال أميركي، وحرب فعلية، وعمليات إرهاب واسعة تخلق وضعاً مضطرباً، ولذلك فجميع القوى السياسية واقعة تحت ضغط هذا الوضع، وليست في كامل حريتها.

.2 إن القوانين والمؤسسات التي تشرف على الانتخابات هي من وضع سلطة الائتلاف المؤقتة بقيادة بريمر، ولذلك لا تعتبر إفرازاً طبيعياً للمجتمع العراقي، والأكثر ملائمة لتطوره السياسي.

.3 إن انهيار الدولة العراقية إثر الاحتلال الأميركي والضعف الشديد من المجتمع المدني وتشكيلاته بما في ذلك الأحزاب نتيجة 35 عاماً من الحكم الدكتاتوري، أفرز تكتلات سياسية ومذهبية وقومية، تكرس الانقسام المجتمعي والسياسي ولا تسهم في الاندماج الوطني، أو التعددية الإيجابية السياسية.

على خلفية هذه الوضعية أجريت الانتخابات العراقية في الداخل (15 ديسمبر) والخارج (13 و14 ديسمبر). وكان واضحاً أن الاستقطاب الطائفي والمذهبي والعرقي هو السائد في تشكيل الكيانات السياسية ولوائحها الانتخابية. وبالمقابل فإن القوى اللاطائفية واللاعرقية من قوميين ووطنيين ويساريين هم ضعاف، وباختصار يمكن استعراض أبرز هذه الكيانات السياسية.

أولاً: قائمة الائتلاف العراقي:

يتشكل الائتلاف من عدة تنظيمات وتجمعات شعبية، وهو مدعوم من قبل المرجعية الشيعية في النجف بزعامة آية الله علي السيستاني. ومن الملاحظ أن الائتلاف خلافاً للاستفتاء على الدستور تخلى عن بعض أطرافه مثل الجلبي وضم طرفاً مهماً (الحركة الصدرية) بقيادة مقتدى الصدر. وأهم أطرافه:

.1 المجلس الإسلامي الأعلى - بقيادة السيد عبدالعزيز الحكيم، وللمجلس جناح عسكري (قوات بدر)، وهو قريب من إيران.

.2 حزب الدعوة الإسلامية بزعامة، رئيس الوزراء الحالي إبراهيم الجعفري، وهو حزب جيد التنظيم لكن شهد انشقاقات كثيرة.

.3 حزب الفضيلة، وهو انشقاق عن حزب الدعوة.

.4 الحركة الصدرية، بزعامة مقتدي الصدر، وهي أقرب للحركة الجماهيرية.

ثانياً: القائمة الكردستانية وتهمني على منطقة كردستان وتتشكل من:

1) الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة رئيس وزراء إقليم كردستاني مسعود البارزاني.

2) الحزب الاتحادي الكردستاني، بزعامة رئيس العراق المؤقت جلال الطالباني ويتقاسم الحزبان النفوذ والسلطة في إقليم كردستان. وتضم القائمة الكردستانية أيضاً منظمات وشخصيات كردية صغيرة.

ثالثاً: قائمة التوافق الوطني:

تضم قائمة التوافق الوطني عدة تنظيمات سنية ويتزعمها رئيس الجمعية الوطنية المؤقتة طارق الهاشمي، ومن أهمها الحزب الإسلامي.

رابعاً: القائمة العراقية:

وتعبر هذه عن التحالف المناهض للطائفية والعرقية، بزعامة رئيس الوزراء في المرحلة الانتقالية اياد علاوي. وتضم هذه:

1) تجمع الوفاق الوطني بزعامة إياد علاوي، وهو تجمع وطني ليبرالي.

2) حركة الاشتراكي العربي بزعامة عبدالإله النصراوي.

خامساً: التحالف الإسلامي الكردستاني.

سادساً: كتلة الأمة العراقية.

سابعاً: كتلة المصالحة والتحرير، وتضم بضعة أحزاب سنية بقيادة صالح المطلق.

ثامناً: كتلة الرافدين الاشورية.

أداء القوى السياسية في الانتخابات:

هناك عدة عوامل أثرت على أداء القوى السياسية في الانتخابات، أهمها:

1) عامل الاستقطاب الطائفي وقد انعكس ذلك في المناطق ذات الغالبية العربية النسبية أو المطلقة.

2) عامل الاستقطاب القومي وقد انعكس ذلك في منطقة الحكم الذاتي في كردستان والمناطق ذات الغالبية القومية الكردية أو المختلطة مثل كركوك (أكراد تركمان، عرب، اشوريين).

3) عامل الاستقطاب الديني وهذا مهم بالنسبة إلى الأقلية المسيحية واليزيدية والاشورية.

4) السيطرة على أجهزة الدولة وتسخيرها للمصالح الانتخابية. فبالنسبة إلى كردستان ونفوذ الأجهزة الكردية كما في كركوك والموصل، فقد كرست طبعاً لصالح القائمة الكردستانية الموحدة، واستبعاد أي منافس لها. ويذكر أيضاً أن قائمة الائتلاف استخدمت نفوذها خصوصاً في أجهزة الجيش والأمن والمخابرات لترويع خصومها وحشد أنصارها والتأثير في نتيجة الانتخابات.

5) الدور الواضح لرجال الدين من السنة والشيعة والزعامات القبلية في التأثير على خيارات الناخبين والتحيز لهذه القائمة أو تلك.

6) الهدنة التي توصلت إليها القيادات السنية مع تنظيمات المقاومة والقاعدة لعدم تخريب الانتخابات لتمكين السنة من خوضها وهو ما كان في ظل هذه العوامل وغيرها من حيث الانتخابات.

وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات نتائجها بتاريخ 20 يناير/ كانون الثاني 2006 كما يأتي:

.1 قائمة الائتلاف الشيعية - 128 مقعداً.

.2 قائمة التوافق السنية - 44 مقعداً.

.3 جبهة الحوار الوطني - 11 مقعداً وهي حليفة لقائمة التوافق.

.4 القائمة الكردستانية الموحدة - 53 مقعداً.

.5 القائمة العراقية - 25 مقعداً.

.6 التحالف الإسلامي الكردستاني - 5 مقاعد.

.7 كتلة المصالحة والتحرير - 3 مقاعد.

.8 كتلة الأمة العراقية بزعامة منال ألالوس - 1 مقعد.

.9 كتلة رساليون (قريبة من الصدر) - 2 مقعد.

.10 الجبهة التركمانية - 1 مقعد.

.11 قائمة الرافدين الاشورية - 1 مقعد.

.12 قائمة الأزيديين - 1 مقعد.

وشارك في الانتخابات بموجب بيانات الهيمنة 70 في المئة من الناخبين الذين بلغ عددهم 15 مليوناً داخل البلاد وما يقارب المليون خارجها. إن هذه النتائج تظهر حال الاستقطاب الديني والمذهبي والقومي والعرقي، ولذلك فإن الخاسر الأكبر هي القوى الوطنية والعلمانية واليسارية والأقليات الدينية و

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 1246 - الخميس 02 فبراير 2006م الموافق 03 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً