العدد 1245 - الأربعاء 01 فبراير 2006م الموافق 02 محرم 1427هـ

مرثيُّ الجنّ

محمد المخلوق comments [at] alwasatnews.com

لا يفوت قرّاء الكتب التاريخية الالتفات إلى ورود/ أو تعمد إيراد ذكر الجنّ ضمن السياق الحدثي لكثير من القضايا والحوادث، وكما ذكرت سابقاً عن تطويع الجنّ و«تسخيرهم» لممارسة الاغتيالات السياسية، أجد أن قسماً من الجنّ أراهم سيدخلون الجنة مع كبش إسماعيل ونملة سليمان وكلب أهل الكهف (مع الفارق)، تسألني كيف؟

لا ألفي قارئ كتب التعزية على السبط الشهيد أبي عبدالله الحسين - كمقتل أبي مخنف وتاريخ الطبري وغيرهما - يخطئ ما أُورِد على لسان الجن، إذ يقول الراوي: وجاءت الجنية منهم تقول:

ألا يا عين فانهملي بجهدي

فمن يبكي على الشهداء بعدي

على رهط تقودهم المنايا

إلى متجبر في مُلك عبد

ومع قليل من التمحيص نجد أن احتمال سَوْق هذا النوع من شعر الرثاء على القتيل الظمآن على لسان الجنّ ما هو إلاّ دفع لخطر إنشاده فداءً للشعراء البشر، وهو ما يؤكد «الشيطنة» التي تميّز بها أبناء وادي عبقر الشعر، فكلنا يعرف الضريبة التي تجبر السلطاتُ «الظلموقراطيةُ» الشاعرَ على دفعها، ولاسيما في الفترة التي تلقت الحادثة الرهيبة زمنياً، من قتل وتشريد، ونفي.

والطريف حينما تحمّل الجنُّ وزر تلك التهمة «الرثاء لقلب نظام الحكم»، وباعتقادي أن للشاعر هدفين، «التغدّي» بالسلطة قبل أن تتعشى به، وتبرئة الجنّ من التهمة المعهودة «العمالة للنظام» بنسبة الشعر الحسيني إليهم، ليبقى الشعرُ خالداً وإن جُرّد من قائله، وهو ما يطمئن الشاعر على خلود نتاجه وإبداعه، ولاسيما أنه لا ينتظر «جزاءً ولا شكوراً» سُلطانياً، فالأجر يوم القيامة.

العدد 1245 - الأربعاء 01 فبراير 2006م الموافق 02 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً