العدد 1244 - الثلثاء 31 يناير 2006م الموافق 01 محرم 1427هـ

ذكرى الحسين (ع) من أجل الناس جميعاً

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

هكذا نبدأ موسم العاشوراء كما في كل عام، مناطق وأحياء بكاملها تكتسي بالأعلام السوداء وبالشعارات وبالبرامج التي يتم الإعداد لها منذ شهور عدة. عاشوراء البحرين شهد تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الماضية، إذ تطور لدينا المرسم الحسيني، والجداريات ومعارض الصور، والعروض الإلكترونية المرتبطة بعدة مناطق في آن واحد، والتبرع بالدم، والمسرحيات الشعبية، والمهرجانات، وعدد من الفعاليات الأخرى التي تحرك المجتمع وهو يحيي ذكرى استشهاد الإمام الحسين (ع) في العام 680م. قبل خمس سنوات، وبعد الانفتاح السياسي، تحركت بعض البرامج لتشمل أبناء الطائفتين الكريمتين، مثل التبرع بالدم والمشاركة في موكب علماء الدين، ولكن سرعان ما خفتت تلك البرامج، على رغم أن المفترض هو إيصال جوهر ومعاني قضية الحسين إلى كل المسلمين، بل إلى كل الإنسانية. وحالياً، فإن هناك بلداً واحداً، وهو «ترينداد»، يحتفل فيه جميع المواطنين (مسلمون من الطائفتين، ومسيحيون وهندوس ومن مختلف الاثنيات الكاريبية والهندية والإفريقية والصينية وغيرهم)، على رغم أن الشيعة الذين بدأوا ذلك الاحتفال في منتصف القرن التاسع عشر عددهم (حالياً) بالمئات، وهم ينتمون إلى ست عوائل هندية مهاجرة، بينما يشترك عشرات الآلاف في المهرجانات التي تحمل اسم الحسين، وتعتبر المناسبة «وطنية» يستعد لها الجميع. الحسين قصته ليست للترديد الروتيني، وانما هي لاستخراج المفاهيم المتحركة في النهج الإسلامي المتحرر من القيود الظالمة. فقد توفي الأخ الأكبر للحسين (الإمام الحسن) في 669م، وكان الحسين عاد قبل ذلك إلى المدينة المنورة للعيش فيها في 661م، واستمر به الحال حتى تسلم يزيد بن معاوية الحكم (بعد وفاة أبيه) في 680م. حينها شعر يزيد بأن التحدي لسلطته سيأتي من الحسين بن علي ومن شخصيات أخرى، مثل عبدالله بن الزبير. وهكذا يبدأ الفصل الأول من قضية الإمام الحسين، إذ يرسل يزيد بن معاوية رسالة إلى والي المدينة آنذاك الوليد بن عتبة يأمره بأخذ البيعة من الحسين قبل انتشار نبأ وفاة معاوية بين الناس... الحسين يرد على الوليد الذي استدعاه ليلا «ان مثلي لا يبايع سراً، ولا يجتزأ بها مني سرا، فإذا خرجت إلى الناس، ودعوتهم للبيعة، دعوتنا معهم وكان الأمر واحدا». إن الحسين يطرح مفهوماً متجدداً للحكم عبر رضا الناس، وبصورة علنية ومن دون التباس، وهذا الطرح يعبر عن جزء أساس من الطرح الديمقراطي المعتمد على رضا الناس ومصارحتهم في الشأن العام. ومثل هذه المفاهيم تتحرك عليها ­ في عصرنا ­ كثير من المجتمعات التي تعيش بمستوى إنساني أفضل، وهي ذاتها التي نقرأها في نصوص قضية الإمام الحسين (ع). ثم ان الحسين، وعندما يحاول الوالي (وكان معه مروان بن الحكم) ان يفرض البيعة سرا، ويقترح مروان ضرب عنق الحسين إن أبى، يرفض الحسين هذه البيعة رفضاً قاطعاً وبكل صراحة وإباء مستعرضاً خصال يزيد التي لا تؤهله لولاية المسلمين، ويعقب «ومثلي لا يبايع مثله». وبعد ذلك يتسرب خبر موت معاوية وتسلم يزيد الحكم، ويتسرب إلى أهل المدينة المنورة ما حدث بين واليها والإمام الحسين وتبدأ الأوضاع بالتحرك نحو المواجهة التي أصبحت حتمية بعد إصرار يزيد على الحصول على البيعة قهراً أو القتل، فتتحرك فصول الثورة الحسينية لتنتقل من المدينة إلى مكة المكرمة، وبعد ذلك يتحرك نحو الكوفة في العراق، إذ يناديه أهلها للمناصرة، ولكن الجيش الأموي يتحرك ويقلب الأمور ويقطع الطريق على الإمام الحسين في المكان الذي استشهد فيه (كربلاء). لعل القصة ذاتها تتكرر، لكن المحتوى الذي تحتويه القصة يتجدد بالمعاني، وهي معان عظيمة استلهمها من انفتح عليها، بما في ذلك محرر الهند من الاستعمار، المهاتما غاندي، الذي قال: «تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر»...

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1244 - الثلثاء 31 يناير 2006م الموافق 01 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً