بدأت مفاوضات الجولة الرابعة بشأن التجارة الحرة بين الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية لمناقشة موضوعات الاتفاق الخاصة بالخدمات والاتصالات والتجارة الإلكترونية والمنسوجات والجمارك وقواعد المنشأ والخدمات المالية المصرفية والتأمين والاستثمار والملكية الفكرية والمشتريات الحكومية، بالإضافة إلى الفريق القانوني. هذا ما جاء في نص التصريح الرسمي ومن دون الإشارة إلى موضوع «إنهاء مقاطعة البضائع الإسرائيلية»، وهو محور أساسي لمثل هذا الاتفاق. الإمارات قالت إن المفاوضات بين الطرفين وصلت إلى «مراحل متقدمة تبعا للمناقشات التي جرت في الجولات الثلاث السابقة، إذ قامت خلالها الفرق التفاوضية من الجانبين بمناقشة نصوص الاتفاق وملاحقها وتبادل المعلومات بشأن القوانين والبيئة الاستثمارية والتجارية في كل دولة»، وانه «تم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين بشأن نصوص الاتفاق والموضوعات الخاصة بفريق البيئة وفريق المواصفات وفريق الزراعة وفريق العمل إلى جانب الاتفاق على الأسس الخاصة لاعفاءات التعرفة الجمركية». في كل الأحوال، فإننا في الشرق الأوسط مقبلون على مرحلة جديدة من كل جانب. ففي الوقت الذي تم توقيع اتفاقات تجارة حرة بين عدد من الدول العربية وأميركا، وما يستتبع ذلك من إنهاء الحظر على البضائع الإسرائيلية، فإن حركة حماس أحدثت زلزالاً سياسياً عبر فوزها في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية، وهي الآن بصدد تشكيل الحكومة لأنها تمسك بغالبية المقاعد. التهديدات التي انطلقت من الدول الأوروبية وأميركا والسلطات الإسرائيلية تتحدث عن ضرورة أن تحدد حماس موقفها من الاتفاقات التي ابرمتها السلطة الفلسطينية مع العالم الخارجي، والا فإن العقوبة هي قطع المساعدة ومنع التحويلات المالية، وبالتالي افقار الشعب الفلسطيني وإسقاط حكومة حماس المرتقبة. من جانبها، أظهرت حركة حماس حنكتها السياسية، وأعلنت أنها ستتعامل مع الاتفاقات بـ «واقعية شديدة»، وهو ما يوحي بأن الحركة سترجح إذا ارادت أن تشكل الحكومة فتح العلاقات مع «إسرائيل»، لأن التعامل اليومي داخل فلسطين محكوم بالإجراءات الإسرائيلية المحيطة بها من كل جانب. وفي أمس الأول كان الرئيس الأميركي بيل كلينتون يتحدث في البحرين، وأشار إلى أن حماس يمكنها أن تتخلص من المشكلة فيما لو أعلنت أنها ستلتزم بالنظام الأساسي للسلطة الفلسطينية الذي يعطي الرئيس الفلسطيني (أبومازن) صلاحية تحديد السياسة الخارجية. وحتى مع هذا النهج، فإن حكومة حماس على مستوى المعيشة اليومية ستكون مضطرة لمقابلة ولقاء المسئولين الإسرائيليين لتخليص معاملات الفلسطينيين في شتى النواحي. وباختصار، فإن تشكيل وبقاء حكومة حماس سيعتمد على قبولها بواقع تفرضه طبيعة السياسة الحالية في الشرق الأوسط. مهما كان الأمر، فإن على القيادات السياسية في عالمنا العربي أن تشرك شعوبها في القرار، ولربما تثبت حماس أنها تستطيع اتخاذ القرار الصعب من خلال مصارحة شعبها والحصول على دعم الرأي العام تجاه قضايا مصيرية، ربما تتطلب التنازل عن شعارات رفعت في فترة النضال. ولربما تختط لنا حماس نهجا لـ «الواقعية الشديدة» لم نعهده لحد الآن، فكل ما تعودنا عليه هو اخفاء الحقائق عن ما يدور في اروقة الساسة المغلقة، أو رفع شعارات ثورية بصورة دائمة من دون التنازل عنها نظريا، حتى لو أنها أصبحت صعبة المنال ومكلفة وقد تضيع الفرص من بين يدي مستحقيها
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1243 - الإثنين 30 يناير 2006م الموافق 30 ذي الحجة 1426هـ