العدد 2452 - السبت 23 مايو 2009م الموافق 28 جمادى الأولى 1430هـ

ثلاثينية الشيخ باقر العصفور

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في بادرةٍ ثقافيةٍ طيبةٍ، أقدمت المؤسسات الأهلية في المنامة، على تنظيم حفل تأبينٍ في الذكرى الثلاثين لرحيل العلامة الشيخ باقر العصفور.

الشيخ من أسرة علمية معروفة في تاريخ البحرين والمنطقة، وُلد في العراق ودرس بالنجف الأشرف، وحصل على إجازة عددٍ من علمائها. تولى القضاء رسميا في 1936، وعيّن رئيسا للمحكمة الكبرى ثم الاستئناف في 1968، وتوفي العام 1979.

الحفل حضرته مجموعةٌ من علماء الدين، وعددٌ من الشخصيات العاملة بالحقل الاجتماعي، فضلا عن جمهورٍ نصفه من الشباب، ما يشير إلى تعطّشٍ لمعرفة هذه الشخصيات التي كان لها حضورها الفاعل، ولكن لم يعد لها ذكرٌ إلا في المناسبات بفعل الفاصلة الزمنية الكبيرة.

بالنسبة للشيخ العصفور، عادة ما يُذكر بخيرٍ وحسرةٍ معا، لارتباطه في الوجدان العام للأهالي، بهلالَيْ رمضان وشوال، حيث كانت فتواه الحاسمة عامل توحيد للصوم والفطر. وهو فراغٌ عجزت المؤسسة الدينية بحوزاتها وشخصياتها على سدّه طوال ثلاثة عقود.

الشيخ عيسى قاسم تحدّث عن أول عهده بالشيخ وهو في شرخ الشباب، حيث كان يأنس بمؤلفاته قبل الغروب عند عين «أم السجور» التاريخية، وتبيّن له أهمية الفقه في الحياة كما قال. وبعد التحاق قاسم بكلية الفقه بالنجف الأشرف زار الشيخ الفقيد أثناء عودته للبحرين، ولاحظ عليه تواضعه ووقاره وشجاعته في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وشهد بدوره في حفظ الوضع الديني بالبحرين.

الباحث التاريخي سالم النويدري تطرّق لإسهامات علماء البحرين في علوم الفقه والفلسفة والكلام والشعر والعربية، ودعا إلى التعريف بهذا التراث العلمي الضخم لحفظه من الاندثار. وهو ما التقى معه المهندس أحمد السرو في كلمته باسم الهيئات المنظمة بدعوته لإنشاء مركزٍ متخصصٍ لحفظ المأثورات العلمية ومؤلفات علماء البحرين عبر العصور. وهو الاقتراح الذي أثنى عليه الشيخ ناصر بن الشيخ أحمد العصفور في كلمة عائلة الفقيد.

على هامش الحفل عُرضت مختاراتٌ من لوحات فناني جمعية المرسم الحسيني، إلى جانب صورٍ قديمةٍ للشيخ الراحل، تبيّن لقاءاته مع الناس والمشايخ وبعض الوفود الزائرة التي كان يقابلها بصفته الرسمية في سلك القضاء. من بين هذه الصور صورةٌ لافتةٌ للشيخ وهو يقطع كعكة عيد ميلاد لطفلةٍ صغيرةٍ، حدّثني عنها محمود طرادة مؤلف كتاب «العقد الزاهر» الذي تناول فيه سيرة الشيخ، بقوله إنه رغم النظرة الشائعة عن تشدّده إلا أنك تراه يشارك في عيد ميلاد هذه السيدة التي تجاوزت الثلاثين الآن.

الحفل صاحَبَه أيضا معرضٌ لمخطوطات ومؤلفات الشيخ العصفور، بعضها نسخٌ قديمةٌ، وبعضها مغلّفٌ بورقٍ شفافٍ رخيص، وهو أبعدُ ما يكون عن حفظ تراثٍ علمي أو ثقافي أو ديني على الإطلاق. ولعله دور مؤسسة الأوقاف بإدارتها الجديدة، التي ينبغي عليها القيام بهذا الواجب كجزءٍ من وظيفتها، وكجهةٍ رسميةٍ مقتدرةٍ، على عكس المؤسسات الاجتماعية الأخرى من صندوق خيري أو مركز ثقافي صغير أو جمعية ثقافية محدودة الامكانات. بل هناك أصواتٌ مناميةٌ طالبت باستملاك منزله وتحويله إلى مكتبةٍ عامةٍ أو بيتٍ تراثي، وهي خطوةٌ أكبر على طريق حفظ التراث.

جيلنا المعاصر يجهل الشيخ، وربما يسمع بصورة غامضة عن مواقفه في مجابهة استعمال الموسيقى في مواكب العزاء، أو التصدّي لاستخدام السلاسل والسيوف، والرد على الكتابات الباطلة، ويقال إن له شعرا جيدا... ومثل هذا الحفل يسهم بشمعةٍ صغيرةٍ ومضيئةٍ على طريق حفظ التراث

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2452 - السبت 23 مايو 2009م الموافق 28 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً