العدد 1243 - الإثنين 30 يناير 2006م الموافق 30 ذي الحجة 1426هـ

وما هذا المركز أمام ما لدينا؟!

نافذة للروح

ما الذي كان يريده ذلك المغرور حين أومأ إلى ذلك المركز الثقافي وقال بصلف: وما هذا المركز أمام ما لدينا؟، هل يعتقد أن الدنيا لا يوجد فيها غير بلده، وأن العالم برمته لا يملك غير حضارته؟ لقد وددت ساعتها لو رفعت كفي وهويت بها على هؤلاء النفر الذين يجدون على هذه الأرض مأوى ورزقا لهم، لكنهم لا يتورعون عن امتهان كرامة أبنائه وتحقير ماضيهم وحاضرهم. وتذكرت حينها ما هو الفرق بين مثقف عظيم وشبه مثقف لا يرى الا بعين واحدة، وتذكرت حينها أن أهل بلد ذلك المغرور هم من صنع الحضارة وأعطى للدنيا الكثير وهم لايزالون قادرين على العطاء، وكيف أن هؤلاء النفر يسيئون اليهم ولا يتورعون عن تشويه عطاءاتهم. «وما هذا المركز أمام ما لدينا؟،» هكذا بكل بساطة، ودون أدنى خجل من مركز شغل العقول والأفكار وخلق فضاء ابداعيا حن اليه الكثيرون من حملة الثقافة والابداع في الوطن العربي الكبير بل في العالم أجمع. وهب أن هذا المركز الثقافي لا يعجبك. ألا ترى كيف أن مملكة البحرين على صغر مساحتها بها كل هذه الأطياف الثقافية. هل أعميت عينيك وصممت أذنيك عن المفكرين وحملة الشهادات العليا والأدباء والشعراء والمسرحيين والتشكيليين؟ ألم تجد في كل هؤلاء التاريخ العظيم الذي شهد له أجدادك، وتفاعلوا معه حين وصفوا دلمون ­ البحرين ­ بأنها جنة الخلود، حتى تأتي أنت وأمثالك لتقول بصلافة «وما هذا أمام ما لدينا؟». لو كنا محطمي النفس والأخلاق مثلك وتملأ قلوبنا القسوة والصلافة التي تعادل جبل أبي قبيس لكنّا اتخذناك حكما على شعبك كله وعلى أفكاره ولكننا نعلم أن الأرض التي تنتمي اليها والبلد الذي أقبلت منه هو أخونا الذي لا نرى منه ولا من أبنائه الا كل احترام وتقدير، وأن وجوهه الشامخة لطالما اعتبرت هذا البلد الطيب ذو الحضارة العريقة ملاذاً لكل المثقفين وأنه في موقعه الجغرافي منارة تهتدي بها دولنا الشقيقة في سعيها للحق والخير والجمال. أنا فقط أذكرك بأن الناقد العربي الكبير ­ ابن مصر البار ­ صلاح فضل في احد اللقاءات التي قمت بها معه إبان مهرجان الدوحة الثقافي قد أشار الى «ان البحرين تعتبر أعرق التجارب الابداعية في الخليج العربي، وأكثر البؤر الخليجية تفاعلا مع الثقافة الحية سواء في النقد أو في الدراسات الأدبية أو في الفنون التشكيلية وأقدمها في الابداع القصصي والروائي. وكدليل على ذلك نجد أن جميع الكتّاب الخليجيين غير البحرينيين لم يصدروا أعمالهم من الخليج وانما من خارجه، بينما نجد الكتاب البحرينيين وحدهم الذين أحدثوا هذا التيار، وبالتالي فان الدور الرائد للحركة الثقافية في البحرين ­ في تقديري ­ مازال يمثل نقطة الانطلاق الطليعية في الثقافة الخليجية وقد سبق غيره من الأجزاء الأخرى». أكتفي بهذا علّك تضع على عينيك مرهما يداويهما من هذا الجحود.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً