العدد 2452 - السبت 23 مايو 2009م الموافق 28 جمادى الأولى 1430هـ

واحتاجت إلى مكيّف!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

عائلة من العائلات البaحرينية، انتقلت للعيش في شقَّة جديدة، بعد طلاق الأم من الأب، وللأسف كان توقيت الانتقال في وقت ارتفعت فيه أسعار العقارات، فما كان من العائلة إلا أن تؤمِّن احتياجاتها الرئيسية، من دفع إيجار الشقّة وقرض السيّارة، وفواتير الكهرباء والماء والهاتف، عن طريق أحد المحسنين.

واعتمدَت العائلة في لقمة عيشها، على الصندوق الخيري الكائن في نفس المنطقة، حتى يسلّمها كل شهر (كوبون) بقيمة خمسين دينارا، فالعائلة تتكون من عدّة أشخاص وتحتاج إلى هذا الكوبون، خاصة وأنَّ الأم عاطلة عن العمل، وتدفع فواتيرها بمساعدة أهل الخير.

الغريب في الموضوع، هو توقّف الصندوق فجأة عن إعطائها الكوبون، وعندما راجعتهم عن ذلك الأمر، أخبروها بأنَّ المحسن الذي يدفع المبلغ توقّف عن الدفع، وبالتالي فإن كل من يملك الكوبون لن يستطيع الحصول عليه مرة أخرى.

وذهب أحد الإخوة للتوسّط وإرجاع جزء من المبلغ، في ظل ظروف وحالة العائلة المادية الصعبة، فما كان من الصندوق إلا التبرّع بكوبون قيمته لا تتعدى 20 دينارا فقط، كما ذكر للأخ المتوسّط في الموضوع بأن لجنة التبرعات، ستناقش إعطاء العائلة المبلغ مرة أخرى أم تتوقّف عن ذلك.

وأتى الحر الشديد بلظوته وجذوته المستَعرة، فما كان من أهل الخير إلا إعطاء العائلة مكيّفين، أحدهما يعمل بالتجزئة، والآخر يدر الهواء الحار، فما كان منا إلا أن نخبر العائلة عن تبرعات الصندوق الخيري، خاصة وأنه على علم بالعائلة الكريمة وتاريخها، وكان في يوم من الأيام يدر عليهم الخير، عندما كانت الزوجة في عصمة طليقها، المنسوب إلى الجمعيات الدينية السلفية.

ولكن الأخت آثرت البقاء على هذا المكيّف التعبان، بدل طلب العون من الصندوق الخيري، فالخبرة بهم جعلتها تعلم بأنّهم لن يساعدوها، فهم يحاولون التخلّص منها لولا وجود أهل الخير، المعاونين لها والمتكلمين نيابة عنها في اجتماعات الصندوق حول مسألتها وأطفالها.

هذا الصندوق الذي اشترط دفع إيجارها، بأن تقبل بالشقة التي سيوفرونها للعائلة، مع أن العائلة لم تطلب منهم إلا معونة 100 دينار لإيجار الشقة، والباقي سيتكفّل به أهل الخير، فالعائلة تعلم علم اليقين بنوع المكان الذي سيضعونها فيه، وصغره بالنسبة لحجمها.

لقد نسي أصحاب الصندوق بأنَّ من شروط التبرع عدم التشرّط على الآخرين، وعدم معاملة الناس إلا بالمعاملة الحسنة، وعدم تفضيل أحد على أحد، وعدم قبول أسماء المحتاجين بالواسطة والمحسوبية. وكذلك لم نجد أجندة الموجودات عندهم، فأنّى لنا أن نعرف بأنّهم لم يكذبوا على هذه العائلة، ولم يضعوا أحد المحسوبين عليهم مكانها، في وقت أصبح فيه الأبيض أسود، ولم يعد الناس يثقون في كل المؤسسات الدينية لضلال وبطلان من يعملون فيها.

إن وزارة التنمية الاجتماعية هي المعنية بشئون الصناديق الخيرية، فلماذا لا تُلزم الصناديق الخيرية برصد الموجودات في رصيدها؟ ولماذا لا تراقب الصناديق كما تراقب بعض الجمعيات السياسية غير المرغوبة؟

فالأولى الاهتمام بالصناديق الخيرية، التي تَنفذ إليها أياد خفية، وقد تسرق الأموال وتغيّر الأسماء، وفقا لأهوائها وميزانها، فالذمّة لدى هؤلاء المرتزقة أصبحت واسعة، ولا يستطيع أن يختلف عليها شخصان.

وإننا على يقين بأن الله هو الرزّاق وهو على كل شيء قدير، فهو القادر على توظيف أم أبناء الوطن الأصليين، وهو القادر على تيسير أمر إرسال المكيّف وغيره من أمور الدنيا، ولا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل، على كل متحجّر دخل في الصناديق الخيرية، وحوّلها إلى صناديق بالواسطة فقط

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 2452 - السبت 23 مايو 2009م الموافق 28 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً