قليلون هم من يفكرون بالتشجير والاهتمام بكل نوع وشكل من ثمار وشجر أرضنا الطيبة البحرين، التي كانت في يوم من الأيام تعرف بأم المليون نخلة وصاحبت أشهر العيون العذبة وغيرها.

فالبحرين كما جاءت في الكتابات السومرية القديمة بأنها أرض طهارة وخضرة وماء مقدس، وهي العناصر التي أدت إلى وصفها بـ»أرض الخلود الأبدي» حيث كان موتى العراق من حضارات وداي الرافدين يدفنون وتدفن معهم مقتنياتهم المختلفة في جزيرتنا.

و»أم محمد» من قرية بني جمرة نموذج أكثر من رائع في العناية والاهتمام ببيئة محيطها المتواضع. بل إن فكرة تحويل «رصيف» مساحة محدودة مقابل منزلها الكائن عند المدخل الجنوبي للقرية المطل على شارع الجنبية، هي فكرة ذكية تحتسب لهذه المواطنة التي عشقت الخضرة من أجل ضمان بيئة نظيفة تراها كل يوم وهي تهم بزرع بذور الفواكه وكل ما تلقاه في مطبخها.

التقيت «أم محمد» قبل شهر تقريبا أي قبل نشر مادتها في «الوسط» ودار معها حديث بسيط دعتني فيه لشرب الشاي في هذه المساحة الخضراء التي وصفتها بـ»حديقتها الغناء» وإذ بي أردّ عليها بأن هذه البقعة هي جزء من الشارع والبلدية مسئولة عن ذلك. فما منها إلا وأن أجابتني ضاحكة، لن انتظر من البلدية زراعتها أو تنظيفها فتلك أيضا مسئوليتي في الحفاظ على البيئة ونظافتها بدلا من أن تكون مساحة تكتظ بها أكياس النايلون والأوراق المبعثرة.

الحديث كان قصيرا ولم أكن أعلم بأن المكان له مكانة خاصة عند «أم محمد» أي عندما كان زوجها يجتمع مع أصدقائه لشرب الشاي... الحديث دار بصورة تلقائية لكن ما لفت انتباهي أن هذه السيدة القروية بادرت بالعناية ببيئة محيطها من تلقاء نفسها أي برغبة في الحفاظ على البيئة وتحويلها إلى حديقة خضراء.

إن ما قامت به «أم محمد» هو مثال نأمل أن يلتفت إليه الجميع من أهل البحرين من مختلف المناطق، فمهما اختلفت الطبقات الاجتماعية والمستويات الثقافية على الجميع أن يحتذي ويتعلم من هذه السيدة؛ لأن تكرار هذه التجربة الجميلة معناه أننا نعمل من أجل الارتقاء بيئة نظيفة وجميلة.

نشكر قرينة العاهل صاحبة السمو الشيخة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة ووزير البلديات والزراعة جمعة الكعبي ومحافظ الشمالية جعفر بن رجب على اهتمامهم بجهود هذه السيدة في سبيل المحافظة على البيئة