«لا اكترث بأن اكون أغنى رجل في المقبرة. ما يهمني هو أن أذهب إلى الفراش ليلاً عالماً بأننا عملنا شيئاً رائعاً». هذا ما قاله في احد الأيام، أحد مؤسسي ورئيس شركة «ابل كمبيوتر» ستيف جوبس. الغريب في هذا القول هو أن «جوبس» يتحدث عن شركة ذات مسئولية لتحصيل الأرباح، بينما «جوبس» يظهر وكأنه طفل يأمل بأن تكون كل أيامه فيها براءة التأمل والاختراع من دون المبالاة للمتطلبات العملية والمالية. ربما أكثرت في اخذ مقولة «جوبس» بجدية، ولكن الجدير بالذكر أن «جوبس» قال هذا بينما كان رئيس شركة «نكست كمبيوتر»« التي أسسها بعد أن ترك «ابل كمبيوتر» بسبب خصامه مع مجلس الإدارة في 1985. أكثر من أي سبب آخر، كان الخصام بين «جوبس» والرئيس التنفيذي «جون سكلي» (الذي وظفه «جوبس» بنفسه) هو خصام في الرؤية. هذا الخصام أدى إلى تطوير «جوبس» عبر شركته الجديدة «نكست كمبيوتر» ذات تقنية عالية ونظام تشغيل راق. اعترف «جوبس» بأن الجهاز« الذي كان سعره في 1990 عشرة آلاف دولار، لم يكن بإمكانه كسح سوق الحاسوبات، ولكن بإمكانه توضيح مستقبل قطاع تقنيات الحاسوب. وهذا، كما رأى «جوبس» الأمر، شيء لا يمكنك الفرار منه إن أردت أن تمهد الطريق بدلاً من مجرد سلكه. لم تزد المبيعات عن خمسين ألف جهاز، لكن ضمن جهاز «نكست كيوب» مكانه في تاريخ الحاسوبات بظهور برامج وتطبيقات جديدة عليه، مثل أول متصفح للشبكة المعلوماتية والذي برمجه مصمم الـ ططط «تيم بيرنرز لي» في مركز أبحاث زخ. بدأ العالم يصحو، وبدأت شركة «جوبس» الأولى تنظر إليه كمنقذ. ففي العام 1996 أرادت «ابل» بمحاولات كثيرة استرجاع نمط عملها في التسعينات بسبب قصر النظر من قبل الإدارة. الحل وجد في شراء شركة «نكست» وتوظيف «جوبس» مستشاراً لفترة وجيزة. أول مشروع كان احتضان نظام تشغيل أجهزة «نكست» («نكست ستب») لأجهزة «ابل ماكنتوش». فاليوم نظام «حفكدس ظ» مبني على «نكست ستب». وأما بالنسبة إلى المستشار «جوبس»، فاليوم هو المدير التنفيذي لـ «ابل». ولقد قاد «جوبس» «ابل» في السنوات الأخيرة من نجاح إلى نجاح، وتمكن من تحقيق رؤيته لجعل «ابل» أكثر من مجرد شركة حاسوب. فاليوم لدى «ابل» أجهزة الـ «ذُل» وخدمة «ىشَِّمَّ» لتسويق الأغاني عبر الشبكة المعلوماتية (التي بدأت مصادفة على جهاز «نكست») بالإضافة إلى أجهزة الحاسوب. قد لا يكون «جوبس» ملاكاً، وربما هو عنيد ويحاول دائماً إبراز الأفضل والأحسن، كما يذكر في الصحف. لكن يبقى الأمر أن «جوبس» لا يخاف أن يسلك طريقاً وعرة، أو ربما غير ممهدة، ويحاول إنجاز ما بخاطره لسبب بسيط هو أن المال في نهاية الأمر ليس الحياة ولا المستقبل. الحياة هي أن تبني مستقبلاً أفضل، أن تسعى إلى العلم والتطور والرقي ولا تقتصر على مجرد جمع الأموال والممتلكات
العدد 1242 - الأحد 29 يناير 2006م الموافق 29 ذي الحجة 1426هـ