أعلن القيادي البارز في حركة حماس، محمود الزهار كما جاء في موقع «العربية نت» بتاريخ 28 يناير/كانون الثاني العام 2005 انه لا يعتبر الولايات المتحدة الأميركية عدواً، وان الرئيس جورج بوش يمسك بمفتاح السلام في المنطقة. وقال: «لا نعتبر أميركا عدونا»، وأضاف أن الرئيس الأميركي يمسك بمفتاح السلام في المنطقة، مشيراً إلى أن «حماس مستعدة لاقامة دولة مستقلة في أي منطقة محررة من الاحتلال الاسرائيلي». لست هنا في مقام العتاب على حماس لتغير خطابها بل أرى ان خطابها هذا هو عين العقل. والعمل وأنت في المعارضة يختلف 180 درجة عنه في السلطة، ما أسهل ان تعارض إذ لا أحد يطالبك في نهاية المطاف بانجازات ولكن الصعوبة اذا قدت أنت ترؤس الحكومة، فهل تقودها للتنمية والنهوض مثل مهاتير محمد ام تقودها للمهاترات والثوريات التي ما قتلت ذبابة كبعض الحكومات القومية؟ أما خالد مشعل فقد قال: «لدينا سلطة نشأت على أساس أوسلو وسنتعامل مع هذا الواقع بواقعية شديدة، ولكن بشكل لا ينتقص من حق شعبنا، لكننا واقعيون ونعلم أن الأمور تجري على أساس أن عدم اعتراف طرف بطرف آخر لا يعني أنه لن تكون هناك خطوات تراعي ظروف الواقع ومتطلبات المرحلة». الفلسطينيون بدأت تتغير لهجتهم والمستقبل ينبئ بتغيرات كبرى حتى على مستوى اليقينيات السياسية التي تحملها حماس. دعونا نقف أمام قول الزهار: «لا نعتبر أميركا عدونا»، هذه مقولة براغماتية صرفة وتكتيك سياسي، الغرض منه التعاطي مع الواقع الجديد بواقعية وكي تحصل حماس على المساعدات الأميركية وهي بالمليارات. حماس الآن أمام اختبار كبير فالعاطلون عن العمل سيأتون إليها وإذا فسد أي وزير منها سيحسب عليها والناس ستطالبها بحفظ الأمن وبالعمل على ترتيب البنية التحتية وأيضا بالديمقراطية وتحمل النقد وألا يضيق صدرها بالنقد. اقول: حماس تفكر في مصالحها والعراقيون يفكرون عبر ترتيبهم للبيت الداخلي بمصالحهم، وحزب الله عبر علاقته الوطيدة مع سورية وايران يفكر في مصالحه ومصالح جماهيره، والاسلاميون في الكويت باصطفافهم وراء الأمير الجديد ومبايعتهم لشيخ صباح وتكوينهم جبهة وطنية واحدة يفكرون في مصالحهم ومصالح جماهيرهم. وهذا ما ذكرته في مقابلتي مع التلفزيون الكويتي قبل أيام، وإيران إذ تصر على استمرار مفاعلها النووي تفكر في مصالحها القومية ومصالح جماهيرها وهكذا هي السياسة. فهل لنا أن نسأل: هل نحن نفكر أيضا في مصالحنا بعيداً عن اختلاط الشعارات أو الصور أو المفاهيم لصالحنا ولصالح مستقبل أبنائنا بعيدا عن مؤثرات الغير؟ أتمنى على البحرينيين أن يفكروا بالبراغماتية والمصالح والواقعية التي يعيشها هؤلاء فلا تزج المؤثرات على ملفاتنا ومشكلاتنا. في هذا العالم الكل يشتغل على تحسين جبهته الداخلية ومنزله الداخلي، ونحن بحاجة إلى النظر إلى مشكلاتنا من فقر وغيره، فهي أولى بالتركيز على مستوى النقاش والبحث. الإسلاميون في تركيا باعتدالهم ونضجهم السياسي حصلوا على مكاسب وطنية، وحماس سها هي تتصدر القائمة، والإسلاميون في العراق كذلك، وفي الكويت وفي مصر والاردن، ذلك أنهم يمتلكون برنامجاً عملياً وخطاباً واحداً ليس مثل البورصة. وأكثرهم درسوا علم السياسة يعني «مو على البركة» مرة تصيب ومرة تخيب وفي اليوم الواحد يتبدل الخطاب 500مرة، وعندهم شورى ونقاش علمي مع كوادر ومتخصصين في العلوم الانسانية. أعود فأقول: ماذا لو أن قائل هذه المقولة «أميركا لا نعتبرها عدوا» غير الزهار؟ ما الذي سيقال فيه من الغوغائيين من كل الاطياف؟ السياسة فن الممكن، ليس فيها اعداء دائمون ولا أصدقاء دائمون الدائم هو المصالح، هل سنعي أين تكمن مصلحة هذه الجماهير؟ وفي اي خطاب؟
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1242 - الأحد 29 يناير 2006م الموافق 29 ذي الحجة 1426هـ