لم يعد أمراً خفياً على النخب السياسية وعموم الناس في الشارع البحريني ما يجري من وراء الكواليس في مجلس النواب، من صفقات تعقد في السر والعلن بين النواب (المنتخبين من الشعب) وبين أطراف في السلطة التنفيذية ممثلة في وزراء ومسئولين في الجهات الحكومية المختلفة، بهدف خدمة مصالح شخصية بين الطرفين. فكم من وزير أو مسئول قدم خدماته لذاك النائب لإسكاته عن الإفصاح عن قضايا الفساد التي تعج بها تلك الوزارة؟، وكم من مسئول ينتمي إلى فريق معين من النواب عين في منصب ليس أهلا له، لا لشيء بل لإرضاء وإسكات تلك الجماعة من النواب أو غيرها عن فتح ملف تجاوزات إحدى الجهات والذي سيؤدي كشفه إلى فضيحة في رابعة النهار؟، وقد بات جلياً من خلال تجربة الأعوام الأربعة التي خاضها النواب الأربعون تحت قبة البرلمان، مدى الفساد المستشري والضارب بجذوره في أعماق السلطة التشريعية، التي يفترض بها أن تكون قمة في النزاهة، والتي يعول عليها كثيرون لمسك زمام الأمور في المسائل التشريعية والرقابية وتتبع رؤوس الفساد الذي طال البر والبحر. لا نقصد في حديثنا هذا طبعا جميع أعضاء مجلس النواب، بل نخص فئة معينة، هي صاحبة السبق والريادة في ميدان الصفقات والمساومات التي أضعفت الدور التشريعي والرقابي الذي أسس المجلس من أجله. والغريب أن بعض النواب ثاروا وأبدوا استياءهم من التصريح الذي نشرته «الوسط» على لسان النائب الأول لرئيس مجلس النواب عبدالهادي مرهون الذي ذكر فيه «أن بعض النواب المتشددين أسهموا في تعطيل المسائل الرقابية البرلمانية وجيروا جميع المسائل العامة إلى منحنيات طائفية أو مساومات انتهازية ومنافع». وقد راح النواب كل بحسب طريقته يعبر عن امتعاضه مما قاله مرهون» فمنهم من وصفه بأوصاف غير لائقة لا ترقى إلى مستوى نائب برلماني والبعض خاطبه مباشرة ليعبر عن عدم تأييده لذلك، على رغم أن ما قاله مرهون أمر مسلم به على أرض الواقع.
العدد 1241 - السبت 28 يناير 2006م الموافق 28 ذي الحجة 1426هـ