أصدر الصحافي الأميركي جو كوناسون كتاباً بعنوان: «الأكاذيب الكبيرة»، ولخص فحوى كتابه هذا بعنوان فرعي سبق عبارة الأكاذيب، والعنوان بدوره يقول: مكنة البروباغاندا الدعائية للجناح اليميني وكيف يستخدمونها من أجل تشويه الحقيقة. ولم تكن مصادفة أن يحتل هذا الكتاب صدر قائمة أكثر الإصدارات رواجاً ومبيعاً على مدار أشهر، وذلك في ضوء الأهمية المتزايدة بمنظومة الإعلام، وهي أهمية يجسدها بوضوح دقيق العبارة التي وصف بها الكاتب هارولد ايفانز محتويات كتاب «الأكاذيب» إذ قال: إن «الإعلام في زماننا أصبح بحق مصفاة الحياة السياسية على نحو لم يسبق له مثيل، بمعنى أنه من خلال الإعلام وعبر بواباته الضيقة يتلقى الناس معلوماتهم وأخبارهم، ومن ثم يشكلون رؤاهم عن الحياة والأحياء». هذا هو إذاً الدور الخطير الذي تلعبه الوسائل الإعلامية في حياتنا، ويزداد هذا الدور خطورة في ضوء الحقيقة التي بات يتعين علينا أن نعايشها، وهي إن أهل السياسة ومحترفي الصحافة والإعلام لا يتورعون عن تلوين الحقائق وتزيين السلبيات وربما تشويه الايجابيات والانحراف، عبر زوايا مختلفة، بالصدق الموضوعي عن خط الاستقامة، وفي اعتقادي هم يفعلون ذلك تحقيقا لمصالح وتجسيدا لمآرب وتوخياً لأهداف ومقاصد وأغراض أيضاً سياسية. وسيلة إعلام بحرينية جديدة اتخذت من هذا الطريق خطاً لها فأصبحت مصداقّا للتعبير الشعبي السائد «حكومية أكثر من الحكومة نفسها»، إلا أن الحسابات التي سارت عليها لم تكن دقيقة، فلم تحسب درجة وعي الرأي العام وفهمه لمختلف الأمور ومواكبته لجل التغيرات واطلاعه المستمر، بالإضافة إلى تعدد الوسائل الإعلامية التي أصبحت تختلف في ما بين اليمين والشمال في نقل الحدث الواحد، كما أنها لم تراع خصوصية البلد والمرحلة التي تعيشها. كما أن هذه الوسيلة لم تفرق بين وجهي العملة الواحدة في عالم السياسة: الكذب والدهاء.
إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"العدد 1241 - السبت 28 يناير 2006م الموافق 28 ذي الحجة 1426هـ