العدد 1240 - الجمعة 27 يناير 2006م الموافق 27 ذي الحجة 1426هـ

المذهب الإرهابي: «الوصول السريع إلى الله»!

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

الإغريق كانوا يعتقدون بأنهم يمتلكون المقدرة على الصعود إلى الله. أما الديانة المسيحية فقد استبدلت فكرة الصعود إلى الله بفكرة هبوط الله إلى الأرض، والحب الذي كان المسيحيون يمنحونه يوما ما إلى الله، أصبح منحة بين بعضهم بعضاً، ومن هنا، خرجت ثنائية «الإنسان ­ الإِله»، وهي عماد المذهب الإنساني الحديث قي الغرب. البعض من المسلمين، فقدوا الإيمان بنزول «الغوث» الرباني للأرض ليملأ الأرض بالعدل والحب والانتصار النهائي للإسلام، أو طالت عليهم «ساعة النصرة»، حيث تكون الأرض كلها إسلامية تحت إمرة خليفة واحد، يكون حكمه متباهيا ضخما، أكثر مما كان الرشيد يتباهى بحكمه، وامتداد امبراطوريته. اهتدى اليائسون إلى ضرورة الاتصال المباشر بذهابهم مبكراً إلى السماء. وهنا كانت تقنية المسلمين المقابلة لفكرة «هبوط الله» لدى المسيحية، إذ لابد من لقاء تتضح فيه الأمور، وتوضع فيه النقاط على الحروف، هذا ما يجعلنا أمام موقف «جاد» في ضرورة أن نؤمن بأن مجتمعاتنا متعلقة بالإيمان الديني أكثر مما ندرك. ولهذه الحقيقة حساباتها الخاصة. وليس كما يعتقد اليساريون والعلمانيون بأن شعوبنا تتنازل عن الدين يوماً بعد يوم. الإرهابيون كائنات بشرية تعيش مرحلة من اليأس البائس، وهو ليس يأساً تقليدياً يتمثل في اليأس من عفو الحكومات عنهم، وليس فهماً خاطئاً للدين، بقدر ما هو التفسير الأخير أو الحل الأخير لتعطل سلسلة الوعود التي أنتجتها مؤسسات الدين ورجالاتها لهم بأن الله سينصرهم في القريب العاجل، وأننا «أمة منصورة... لا محالة». الإرهابيون بسطاء لا يستطيعون تبرير حاجتهم إلى الدنيا، هم يعيشون ببساطة تضارب المنظومة الدينية ­ بشكلها الحالي ­ بما هو حادث في مجريات حياتهم. يعتقدون بأنهم مع ما بهم من ضعف، قادرون على هزيمة أعتى امبراطوريات العالم، والخطاب الديني يستطيع تبرير هذه النتائج لهم، فمعركة «بدر الكبرى» وحدها، أفضل مثال. الإرهابيون يعرفون أنهم على «الحق»، وليست العبرة في قلة السالكين لمرئياتهم وأفكارهم وأحزمتهم الناسفة، فطريق الحق في الخطاب الديني دائما هو في حال من الشكاية لقلة سالكيه. وهكذا... تستطيع «تلفيقية» الصعود السريع لله أن تصنع التبرير المنطقي داخل منظومة الإرهابيين للقبول بجميع النتائج والمهمات الموكلة لأعضائها. الإرهابيون ستزداد أعدادهم يوماً بعد يوم، ذلك أن «المذهب الإرهابي» ­ الإرهاب يمثل مذهباً متكاملاً اليوم، له أسسه التنظيرية والمعرفية والتأصيلية ­ هو الآن في ساحة الدعوة السرية، قد تكون بعض تشكلاته المعلنة والنشطة ظاهرة للعيان، إلا أن الأمر لن يقف عند هذا الحد، فالأيام المقبلة في منطقة الشرق الأوسط ستشهد خروج الكثير من «الزرقاويين» الجدد. «الزرقاويون» المترددون في دخول مذهب الوصول السريع إلى الله، و«الزرقاويون» الذين ينتظرون الإذن بنشر/ تطبيق الدعوة السرية، كلهم مشروعات «موت» قادمة، وستكون أيامنا المقبلة حافلة بهم، وبحضورهم البهي، من المضحك أن يعتقد البعض بأن برنامجاً أو فتوى دينية ستكون رادعاً أو مصححاً لانحراف هذه المجموعة. ومن يكترث، ومنذ متى اكترث أعضاء مذهب إسلامي بفتوى مذهب إسلامي آخر،، العملية في حقيقتها ليست بسيطة حد إنهاء هذا المذهب الجديد بإحدى الطرق التقليدية من نظم القمع الاجتماعي. إن فعل القتل مجرداً، هو ليس بالتكتيك الجديد في المنظومة الاجتماعية والسياسية الإسلامية. فالتاريخ الإسلامي شهد الكثير من ثقافات القتل حد التطهير، الجديد، هو النزوح نحو «قتل النفس» بطريقة منظمة وغريبة، وبطريقة تحمل صورة من الاكتمال الإيماني، وهذه بالتحديد فلسفة المذهب الإرهابي الجديد،

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1240 - الجمعة 27 يناير 2006م الموافق 27 ذي الحجة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً