بما أن البحرين احتضنت «منتدى المستقبل» في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، فإن من حقها أن تستقي الخبرات المختلفة من مجموعة الدول الثماني. .. وبما أن مجموعة الدول الثماني تحتوي على روسيا، فلا بأس بأن «تقلد» البحرين إحدى ممارسات روسيا التي ورثتها من الاتحاد السوفياتي، ولو كان ذلك مضاداً لجميع المفاهيم التي طرحها منتدى المستقبل. ففي الوقت الذي تم تأسيس «معهد البحرين للتنمية السياسية» أعلنت الحكومة الروسية عن تأسيس «الغرفة العامة»، والتشكيلان متشابهان في كل شيء تقريباً. وفي اعتقادي فإن التأسيسين لم يكونا ضمن خطة واحدة، وانما حصل الأمر مصادفة، وربما أن السبب هو تشابه النمط السوفياتي القديم في التعامل مع موضوعات العمل السياسي والاجتماعي، مع النمط البحريني القديم الذي كان متبعا أيام أمن الدولة، وعليه فإن الغرفة العامة الروسية ومعهد البحرين للتنمية السياسية يمكنهما ان يفخرا باستنساخ بعضهما الآخر عبر الأثير. «الغرفة العامة» الروسية شكلتها الحكومة هناك، وعينت فيها عدداً من الأشخاص بهدف «وضع السياسات وتحديد الإجراءات لعمل منظمات المجتمع المدني الأجنبية» التي نشطت في روسيا كثيراً خلال السنوات الماضية. الغرفة العامة الروسية أعطيت صلاحيات غلق وطرد أية منظمة أجنبية يشك في أنها تتدخل في الشئون الداخلية. ومن المتوقع أن يمرر قانون في البرلمان لتوفير الدعم المطلوب للغرفة العامة (المعينة) للقيام بما تشاء تجاه أية مؤسسة غير روسية تنشط في المجتمع المدني. وذكرت أنباء صحافية أن من بين من تستهدفهم هذه الغرفة شتى أنواع المؤسسات بما في ذلك مؤسسة «أطباء بلا حدود» الفرنسية. الارتعاب الروسي من مؤسسات المجتمع المدني (الأجنبية) ازداد مع تطور الحوادث في أوكرانيا خلال العامين الماضيين، وكيف لعبت مؤسسات المجتمع المدني (المحلية) في التصدي للدكتاتورية من خلال ما عرف بـ «الثورة البرتقالية». وعليه، فإن الحكومة الروسية أحبت أن تقطع الشك باليقين، فبادرت إلى «قطع» التواصل بين مجتمعها المدني المحلي مع المجتمع المدني الدولي، ولاحقاً سيمكنها التعامل مع ناشطيها المحليين بالطريقة الروسية السوفياتية العتيدة. الحال متشابهة لدينا في البحرين، إذ تم تأسيس معهد للتنمية السياسية، وتوقعنا أن يعلن المعهد عن برنامجه لتطوير الاحتراف السياسي، وإذا به يمارس المهنة التي أخذها على عاتقه من خلال منع المعهد الوطني الديمقراطي (ان. دي. آي) من العمل في البحرين. وهذا المنع سيستمر حتى يقبل المعهد بالوصاية الكاملة (الخنق التام) الذي سيستمر معهد التنمية السياسية في فرضها مهما صدرت من تصريحات تقول عكس ذلك. وقد سربت الجهات الخانقة ذاتها، عبر قنواتها الإعلامية، السبب في ممارسة المضايقات على المعهد الأميركي، وهو أن المستفيد من مثل هذا الدعم في بلداننا هم «حماس» الفلسطينية (التي حققت نصراً مرعباً لهذه الجهات)، والجماعات الإسلامية الأخرى في كل البلدان العربية، وجمعية الوفاق في البحرين. وعلى أساس وجهة النظر هذه، فلابد من الاستفادة من الخبرات القديمة التي كانت تستخدم ايام الاتحاد السوفياتي وأيام قانون أمن الدولة، عسى ولعل يتمكن البعض من إيقاف عقارب الساعة ومنع موجة الديمقراطية من الوصول إلى شواطئ محرومة منها. وتماماً كما يحدث في روسيا، إذ بدأت الحكومة هناك باتهام بعض المؤسسات المدنية بالتجسس والعمل لصالح الأجانب، فلن نستغرب فيما لو تم الإعلان عن شيء من هذا النوع في المستقبل القريب في البحرين، وخصوصاً أن بعض القنوات الإعلامية الحكومية بدأت تقول ذلك فعلاً
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1240 - الجمعة 27 يناير 2006م الموافق 27 ذي الحجة 1426هـ