العدد 1239 - الخميس 26 يناير 2006م الموافق 26 ذي الحجة 1426هـ

يربكك الشاهد

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

تقترب أيام الله. .. وكل الأيام لله... ندنو من تاريخ ممعن في الذبح، أكثر ما يضيء فيه هو الدم... لم تتغير الصورة كثيراً... فالدم مازال علامة فارقة بين الليل في حلكته، والنهار في سفوره. لكأن الضحايا يغذّون مسيرة هذه الحياة، ولكأن الذهاب إلى حتف له صفة الحياة ومضامينها هو الفيصل بين غياب وحضور، بين لهو وانشغال بإعادة ترتيب الحياة... إعادة الحياة إلى نصابها. هل ثمة فاصل ملحّ في هذا الصدد؟ ارجعوا إلى التاريخ. ثمة سيف، سكّين، سمّ، وطوامير، تعتقد وهماً أن الموت بتصفية الجسد، فيما تصفية بتلك النوعية تمعن في منح الروح حضورها الأزلي. شهادات صعبة سيقف كثيرون ازاءها موقف المحتج والرافض والطاعن في صدقيتها. ولكنها مصادر من الشاهد... الشاهد الذي يظل حضوره احتياطيا. أو على أقل تقدير، حضور متطفل يحتاج إلى أكثر من استجواب ومناظرة وإهانة. ها هو ذا الشاهد يربكك... تربكك استغاثات لا مدى لها... لها من الإعراب، عربٌ برسم البيع، عربٌ برسم الاستعداد للتفاوض الخاسر، عربٌ يذهبون واثقين من استعدادهم الفطري لإهانات بالجملة. هل لابد للدم أن يكون أكثر فصاحة كي يضئ حلكة هذه الليالي الممعنة في سدفتها؟ قبل سنوات توقف القس صمويل كنت أمام سيرة الحسين (ع)، استأنف موعظته في إحدى كنائس فلوريدا: «ان أية انحناءة لن تفي الحسين حقه... تعرفت على هذا المصلح من خلال عجوز برازيلية مسلمة من المهاجرين اللبنانيين، تدعى آمنة عجمي، في السبعين من عمرها، متجلببة بالسواد، ولكنني كنت أراها مسرفة في بياض ملابسها على الرغم من انكسار عواطف بالجملة في ذكرى مقتله». تقترب أيامك... أيام الله... وكل أيامك محاولة لجعل الحياة عادلة مع أبنائها المنذورين لتصفيات بالجملة

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 1239 - الخميس 26 يناير 2006م الموافق 26 ذي الحجة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً