لم تكتف الولايات المتحدة بالضغوط والحملة الإعلامية التي شنتها وأدت لإحباط محاولة السودان تولى رئاسة الاتحاد الأفريقي بل واصلت الحملة حتى عقب توصل القادة الأفارقة في قمة الاتحاد التي عقدت في الخرطوم لانتخاب الكونغو لرئاسة الدورة الحالية على أن يتولى السودان رئاسة الاتحاد عام . 2007 فقد قالت واشنطن إن السودان لا ينبغي أن يتولى رئاسة الاتحاد إلا إذا كان قد وضع حدا للحرب في إقليم دارفور بغرب البلاد. تقبلت الخرطوم على مضض المساومة وتنازلت عن الترشح لرئاسة الاتحاد بهدف عدم إفشال القمة التي تستضيفها لكنها تجرعت السم وعبر عن ذلك الوزير والأمين العام للحكومة السودانية دينق ألور عندما قال إن ما تم هو «رسالة واضحة» لتشجيع هذا البلد على تسوية أزمته في دارفور. لكن هذا القول لم يرح الحكومة السودانية التي ردت بلسان وزير الإعلام الزهاوي إبراهيم مالك إن الأمر ليس له علاقة بالوضع في دارفور. أميركا مارست الضغط على الدول الأفريقية لمنع السودان من رئاسة الاتحاد وبالتالي قيادة قوات الاتحاد الأفريقي المنتشرة في إقليم دارفور ما يتيح له السيطرة عليها. وكان على الحكومة السودانية أن تعي الدرس وتتعظ من الأمر الذي واجهه الزعيم الليبي معمر القذافي صاحب مبادرة إطلاق فكرة الاتحاد الأفريقي، إذ فشل على رغم انعقاد القمة الأولى للاتحاد في ليبيا في جذب حماس أو عواطف الأفارقة لكي يتولى هو رئاسة الاتحاد. القادة الأفارقة يتعاملون في الأمور الكبرى وفقا لمنطق العقل و المصالح، ونأمل أن تعي حكومة الإنقاذ السودانية الدرس وتعيد النظر في سياساتها الداخلية قبل الخارجية. فان كانت نجحت في تغييب وعي الإنسان السوداني في الداخل فهي لن تستطيع الضحك على كل العالم ولابد لها من أن تبيض صفحتها وتزيل كل البقع السوداء من خريطة السودان لان العين حسب قوانين التصميم الإيضاحي تلحظ الأسود قبل الأبيض وان كبر حجمه.
إقرأ أيضا لـ "ابراهيم خالد"العدد 1238 - الأربعاء 25 يناير 2006م الموافق 25 ذي الحجة 1426هـ