التدافع السياسي الذي يجري في قلب الخليج الآن له وجه مشرق، فهو حال ايجابية من المخاض الديمقراطي الذي حرمت منه شعوب المنطقة عقودا طويلة. والحراك السياسي الذي شهدته الكويت بقدر ما له من سلبيات عرضية، فإنه سيترك أثرا حميدا على ترسيخ قيم الديمقراطية في منطقتنا حتى لو كانت ضمن النسق الكلاسيكي العربي، فما شهدناه في الكويت يعبر عن دور شعبي كبير في صنع القرارات المفصلية إلى درجة حسم خلافات «بيت الحكم» هناك. نغبط الكويتيين على مؤسساتهم الدستورية وقدرتها على إدارة الأزمات الحالكة، ونغبطهم أكثر على تمتعهم بحرية تعبير تكفي لنقد قمة الهرم السياسي ذاته، وهي حال ديناميكية راقية قد لا تتوافر في كثير من الديمقراطيات الفلكلورية العربية، على انه لا يمكن فصل كل هذه المتغيرات المتسارعة التي ستلقي بظلالها علينا شئنا أم أبينا من المسألة العراقية التي كانت عصب التغيير الحقيقي في الخريطة السيوامنية في الخليج، فجزء كبير من هذا التدافع يعود إلى الهزة الحقيقية التي صدرتها بغداد، وطالت عروقها قلب النظم السياسية الهشة في عالمنا العربي من أقصاه إلى أقصاه. الكويتيون كان لهم دائما قصب السبق في الاستحقاقات السياسية وتعزيز المشاركة الشعبية، وما جرى في الكويت سمّه ما شئت فانه كان اختبارا ومحكا للأدوات الدستورية، ونتائج هذا المحك الايجابي لن تقتصر على الكويت فقط، فنحن الخليجيين جميعا نشترك في منظومة سياسية واحدة وستطل التغييرات الايجابية برأسها علينا، وأبشركم إن تعزيز الديمقراطية قريب... بل أقرب مما يتصور المتفائلون حتى
إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"العدد 1238 - الأربعاء 25 يناير 2006م الموافق 25 ذي الحجة 1426هـ