العدد 1238 - الأربعاء 25 يناير 2006م الموافق 25 ذي الحجة 1426هـ

«ميبي» وأخواتها

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

بسبب كثرة ما يقال عن مبادرات لـ «إصلاح» الشرق الأوسط اختلطت الأمور كثيراً ومن كل جانب. وعندما أصدرت مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية (ميبي) نشرتها لهذا الشهر قالت إنها استجابت لنداءات الإصلاح، وإنها مولت وساندت عدة مشروعات وجمعيات، من بينها جمعية الشفافية البحرينية بهدف مساعدة البحرينيين على تأسيس قواعد للسلوك المهني في إدارة العمليات الانتخابية، سواء كانت على المستوى البلدي أو النيابي أو على مستوى الجمعيات. مبادرة الشراكة (ميبي) أطلقها الرئيس الأميركي جورج بوش بهدف تقديم المساعدات على أساس العلاقات الثنائية الحسنة بين أميركا وكل دولة على حدة. وهذه المبادرة (ميبي) تختلف عن مبادرة «منتدى المستقبل» في أن الأخيرة «متعددة الأطراف»، بمعنى أنه يلتحق بها أكثر من دولتين، مع موافقة مجموعة الدول الثماني والدول الشرق أوسطية على الدخول في المبادرة. مبادرة «ميبي» انطلقت في العام 2002 بعد حوادث 11 سبتمبر/ أيلول 2001 بهدف التقرب من شعوب منطقة الشرق الأوسط وذلك من خلال مساعدة مؤسسات المجتمع المدني العاملة في تنشيط البيئة الديمقراطية. ومبادرة «ميبي» تعمل أساساً مع «شركاء محليين» بهدف «وضع برامج تساعد على تحسين مستويات الحرية السياسية وتطوير الفرص الاقتصادية والجودة التعليمية وإيجاد بيئة مناهضة لايديولوجية الكراهية»، بحسب ما يرد في أدبيات المبادرة وما يصدر عنها من تصريحات. مبادرة الشراكة (ميبي) تعمل في إطار وزارة الخارجية الأميركية، وهي تستخدم السفارات وسيلة لتنفيذها بصورة علانية في «البلدان الصديقة»، وبما أن الإدارة الأميركية تتحدث كثيراً عن «الشفافية»، فمن الطبيعي أن توجه بعضاً من تلك المساعدات المادية إلى جهة مثل جمعية الشفافية. على أن جمعية الشفافية قد تكون الضحية التي تطولها اتهامات من هنا أو هناك، لأنها استجابت للمبادرة وأعلنت ذلك بصراحة، في حين تمكن آخرون من الاستفادة من الإمكانات المتوافرة أميركياً وأوروبياً، ولكن يبقى ذلك خارج الدائرة المعلومة. لسنا هنا في صدد الدفاع عن جمعية الشفافية، أو اتهامها، لكن موضوع تسلم المساعدات الأجنبية سيطل علينا باستمرار، وستزداد الاتهامات الصحيحة وغير الصحيحة، وستخدم بعض الجهات مختلف أنواع الحجج بهدف تسجيل نقاط أو النيل من سمعة هذا أو ذاك. حاليّاً في البحرين ليست لدينا مادة في قانون الجمعيات الأهلية (قانون 1989) تنص على ضرورة الحصول على موافقة من وزارة التنمية الاجتماعية بشأن تسلم المساعدات المالية من خارج البحرين، وطريقة تفعيل المادة تتم عبر اخطار الوزارة من قبل الجمعية المعروض عليها المساعدة المالية بأنها في صدد تسلم مساعدة مالية مع تحديد الجهة المتبرعة والغرض الذي سيستخدم من أجله المال. وفي هذا الإطار، فإن جمعية الشفافية أدت ما عليها وأخطرت وزارة التنمية الاجتماعية، ولم يكن هناك احتجاج. ويوم أمس الأول أعلنت وزارة التنمية الاجتماعية أنها شكلت لجنة تحقيق للنظر في اتهامات بشأن التصرف الذي قامت به جمعية الشفافية، وما إذا كانت هناك أية مخالفات مالية أو إدارية. من جانبها، أكدت جمعية الشفافية ثقتها بنزاهة التصرف في المساعدات، وإيمانها بنزاهة التحقيق الذي تقوم به الوزارة. مهما تكن نتيجة المداولات الحالية، فإن الواقع هو أن هناك عشرات الجمعيات تسلمت وتتسلم المساعدات المادية والعينية. وعدد أكبر من الجمعيات استعان بالمساعدات التي يقدمها المعهد الوطني الديمقراطي (ان دي آي) وهذه كانت، ومازالت، السبب في أزمة العلاقة بين معهد التنمية السياسية والمعهد الأميركي، إذ قام معهد التنمية بمنع تقديم أي نوع من أنواع المساعدات، سواء المادية منها أو العينية إلى أي جمعية سياسية، ولاسيما جمعيات المعارضة، والمشكلة لن تلقى حلاً الا إذا وافق المعهد الأميركي على الوصاية المطلقة عليه. لعلنا في بداية الطريق نحو امتهان العمل السياسي والاجتماعي المحترف، ونحن بحاجة إلى الكثير من الخبرات في هذا المجال، وهناك من سيتضرر من وصول الخبرات إلى «جهات غير مرغوب فيها»، ولذلك، فإن على هذه الجهات (غير المرغوب فيها رسمياً) أن تسعى إلى أن تعتمد على نفسها، وذلك هو الحل الأفضل على المدى البعيد

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1238 - الأربعاء 25 يناير 2006م الموافق 25 ذي الحجة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً