في مواجهة الدعوات التي يطلقها فريق من الاقتصاديين للتسريع في تنفيذ برامج التخصيص يطلق فريق آخر دعوات التحديث والتطوير الاداري في القطاع العام وذلك من أجل تحسين الاداء وزيادة كفاءته ليثبت جدارته وسط المتغيرات الاقتصادية الاقليمية والعالمية. لذلك فقد بات الحديث عن التحديث الاداري متزامناً مع الحديث عن التخصيص. ولا شك في ان الحديث عن التحديث الاداري هو حديث مهم وقائم بذاته. إن التحديث الإداري هو موضوع عام يمثل مظلة لشيء مهم وهو رفع اداء الأجهزة الحكومية إذ ان رفع أدائها هو الهدف النهائي، وهو أحد المطالب المهمة. ولكن الارتياح لهذا الموضوع ينتهي الى السؤال بشأن جدية الطرح ان لم تتوافر المتطلبات الرئيسية لرفع اداء هذه الاجهزة والتحديد الواضح لدور كل ادارة وقسم وموظف في تحقيق هذه الاهداف، هذه النقطة هي أول متطلبات رفع اداء الاجهزة الادارية كما يقول الدكتور جاسم العجمي. وسبب آخر للقصور في أداء القطاع العام هو ضعف الكوارد الفنية المسئولة القادرة على التعامل مع هذه المعطيات والمستجدات بروح ابداعيه ومبادرة. كذلك، فان نقص الشفافية والافصاح عن المتغيرات والمعلومات التي تهم التطور الاقتصادي والاجتماعي بما يفسح المجال امام تعاطي الاكاديميين والخبراء والمهتمين بها من مواقعهم المسئولة من شأنه غياب عوامل الدعم لترشيد أداء القطاع العام، والسياسات التي يتخذها... لذلك، فان المجتمع بحاجة الى تقوية وتعزيز أجهزة البحث الاكاديمي والعلمي والمعلمي التي تهتم بدراسة جميع شئون المجتمع وتضع الدراسات والبحوث التي تتخذ كأساس للاسترشاد بها في توجيه دفة المجتمع وعجلة نموه. إن التطورات العالمية والاقليمية المتسارعة تحتم السعي الى ضرورة الاستجابة لما تفرزه من معطيات ومتغيرات مستارعة. وهذا لن يتأتي الا بوجود ادارة اقتصادية فاعلة وديناميكية تستقرأ تلك التطورات أولاً بأول وتشخص انعكاساتها على اوضاعها الاقتصادية، وتبادر الى وضع التصورات والافكار للتعامل معها، وتدرك أية من الاجهزة قادرة على التعامل معها، بل وتبادر الى وضع اجراءات تخطيطية تسعى لاستباق آثار تلك التطورات وتتحاشى سلبياتها، مع الاستفادة من ايجابياتها. اننا بحاجة فعلاً الى احداث طفرة كبيرة في مفهومها وممارستنا لادارة شئوننا الاقتصادية. كما ان وجود مجتمع مدني فاعل سيساهم في تكوين رأي عام له القدرة على رفع درجة اهتمام المجتمع بموضوع الاصلاح على جميع الاصعدة. كما ان اطلاق حرية الصحافة والاعلام يتيح للقنوات الاعلامية نقل كل الآراء من دون رقابة من أصحاب القناة وخارجها سيكون من شأنه تشكيل جهة رقابية مستقلة للاجهزة الحكومية.
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 1237 - الثلثاء 24 يناير 2006م الموافق 24 ذي الحجة 1426هـ