العدد 1235 - الأحد 22 يناير 2006م الموافق 22 ذي الحجة 1426هـ

معرفة المستقبل

هشام عبدالرحمن خليفة comments [at] alwasatnews.com

ترى ماذا سيحدث بعد عام واحد من الآن؟ لا يمكننا التنبأ بالمستقبل، ولكن يمكننا أن نتصوره عبر رؤية واضحة. الفرق بين التنبأ والتصور هو أن التصور لا يتطلب أي نوع من الشعوذة أو الخزعبلات. والتصور هي ميزة يتصف بها رواد الأعمال. ميزة تجعل لديهم أهدافاً واضحة يمكن للآخرين فهمها بالسهولة، ممهدة الطريق لتحقيقها. يتفق خبراء الريادة على أن الرؤية ميزة ضرورية للرواد. يقول رئيس جامعة نوتردام ثيودور هيسبيرج »إن جوهر الريادة هو أن يكون لديك رؤية يمكنك التحدث عنها بوضوح وبقوة«. ويردد خبراء الريادة جيمس كوزيس و باري بوسنر »لا يوجد شيء أكثر إحباطاً للمعنويات كالرائد الغير قادر على تفسير لماذا نفعل ما نفعله«. الرؤية التي نبحث عنها هي ليست مجرد لائحة وبعض السطور. بل هي ميزة يتحلى بها الرائد ومنتشرة بين العاملين معه. رؤية بمثابة نمط عمل متمسك بالقيم التي بنيت عليها الشركة وما تنشده من نمو وازدهار. مهما كانت المؤسسة، من مصنع حلويات إلى مصرف تجاري، لا بد أن تكون قد بدأت برؤية قهرت شك الرائد من الفشل، ومنحت له القدرة على تخيل وتخطيط الأهداف التي تؤدي إلى النجاح. لكي يحذوا حذو الرائد، يجب تشجيعهم على رؤية تستند على النقاط الآتية: 1­ إيضاح مهمة وسبب المؤسسة، 2 زرع الإخلاص والاهتمام بالعمل من قبل كل الموظفين، 3 عرض وإبراز قوى، قيم، واتجاه المؤسسة، 4 جعل الموظفين أن يدركوا بأنهم جزء مهم من مؤسسة تسعى إلى الأفضل دائماً، و5 تحدي الموظفين لتحقيق الأكثر والأحسن. كما قلنا، يمكن أن توضع الرؤية على لائحة يقرأها الجميع، ولكن هذا لا يكفي. فيجب أن يقوم الرائد بدوره كمالك لهذه الرؤية بإيصالها في كل جوانب العمل، من اتخاذ القرارات في تشييد مشروع جديد إلى قرارات التوظيف. للحصول على الرؤية، يمكن للرائد أن يستعين بمهمة الشركة والبدء بإيضاح المبادئ والقيم التي يتم بها تحقيق الأهداف المعروضة في المهمة. هل تود أن تصبح ممولاً للحلويات المصنوعة بطريقة تقليدية في البحرين؟ هل تود أن توفر طريقة للتخلص من نفايات البناء؟ هل تريد أن توفر التجهيزات السمعية ­البصرية للمباني الجديدة؟ هذه مهمات مبسطة، ويمكننا أن نقول بأنها ليست كافية لتشجيع العاملين معك. فعليك أن تحاكي أفئدتهم، وترى من معك يعمل لمجرد المال، ومن يعمل لأنه فخور بعمله ويريد أن يكون جزءاً من نجاحك ونجاح الشركة. هنا يكمن الفرق بين مجرد مهمة هدف إلى رؤية تواصل بينك وبين موظفيك. هل تود أن تصبح أفضل ممول للحلويات المصنوعة بطريقة تقليدية في البحرين؟ هل تود أن توفر طريقة أكثر لطفاً مع البيئة للتخلص من نفايات البناء؟ هل تريد أن توفر أحدث وأرقى التجهيزات السمعية ­ البصرية للمباني الجديدة؟ هذه المهمات المذكورة نفسها سابقاً، لكن بفرق بسيط، وهو فرق غير ممكن تقييمه بالأرقام، ولكن يمكن التعرف عليه عبر كونه كيفياً ونوعياً. والرؤية قلما تحتكر بالأرقام، وهي غالباً كيفية، ومثبتة على أسس الجودة والتميز. بدأنا في هذا العمود بالسؤال عن المستقبل، ومررنا في هذه الرحلة القصيرة على المهمة والرؤية، ونرى أن المهمة هي مجرد هدف، أما الرؤية فهي المهمة مع سبب. سبب يتخطى المال ويمكنه جعل كل موظف في الشركة فخوراً بعمله ومستعداً للعمل ليلاً نهاراً في تطوير وتحقيق الرؤية. فالمستقبل لا يمكنك معرفته، ولكن يمكنك بناءه، ولا يوجد شيء أفضل لبناء المستقبل من رؤية تجند العاملين معك لتحقيق مهمة الشركة وجعلها جزءاً من المستقبل

العدد 1235 - الأحد 22 يناير 2006م الموافق 22 ذي الحجة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً