ابتداء من اليوم وعلى مدى عدة حلقات سنتأمل بعض التفاصيل الواردة بخصوص البحرين على مؤشر «الحرية الاقتصادية» للعام 2006. يكتسب الموضوع أهمية خاصة نظراً إلى قياسه درجة الحرية الاقتصادية المتوافرة في البلاد. التقرير السنوي هو جهد مشترك بين كل من مؤسسة «هيريتج فاونديشن» وصحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركيتين. يعرف عن المؤسسة والصحيفة ميولهما المحافظة ودعوتهما الحكومات إلى منح القطاع الخاص الدور الريادي في إدارة الاقتصاد. بالمقابل، وبحسب الجهة المصدرة للتقرير، المطلوب حصر دور الحكومة في استصدار القوانين والتأكد من تنفيذها. ويتمثل اعتقاد المؤسسة والصحيفة بأن وجود القطاع العام في الاقتصاد يعد أمراً سلبياً في حد ذاته، وفي العادة يكون على حساب الحرية الممنوحة للقطاع الخاص. على سبيل المثال: حصول الحكومة على قرض من المصارف يعني فيما يعني مزاحمة الأفراد والشركات في الحصول على التمويل. وفي نهاية المطاف قد يحدث ارتفاع في معدلات الفائدة، الأمر الذي يضر القطاع الخاص بالضرورة. بحسب الأرقام الصادرة من قبل مؤسسة نقد البحرين حصلت الحكومة على قروض قدرها 197 مليون دينار من المصارف التجارية (أي 8 في المئة من المجموع)، وذلك في سبتمبر/أيلول من العام 2005.
معايير المؤشر
يشمل مؤشر الحرية الاقتصادية 50 متغيراً اقتصادياً تم تصنيفها على 10 مجموعات موزعة على النحو الآتي: السياسة التجارية الدولية وخصوصا الواردات الموازنة وتحديدا العجز التدخل الحكومي في الاقتصاد السياسة النقدية الاستثمارات الأجنبية النظام المصرفي والتمويل سياسات الأجور والأسعار حقوق الملكية القوانين والإجراءات الرسمية السوق السوداء ترتيب البحرين منح تقرير العام 2006 نتائج محددة إلى 157 دولة في العالم. يتم ترتيب الدول المشمولة في المؤشر بحسب حصولها على النقاط على المؤشر المكون من خمس نقاط. يعتبر الحصول على خمس نقاط إشارة إلى انعدام الحرية الاقتصادية، بينما يمثل انخفاض درجة المؤشر دليلا على حرية اقتصادية أوسع (الرقم 1 هو الأفضل). بحسب التقرير فإن مقاطعة هونغ كونغ (الصينية) تعتبر أكثر الاقتصادات العالمية انفتاحا، إذ حصلت على 1,28 من النقاط، بينما حصلت كوريا الشمالية على أسوأ نتيجة (5 نقاط كاملة). جاء ترتيب البحرين في المرتبة رقم 25 على مستوى العالم متأخرة بذلك خمس مراتب عن العام .2005 ولاشك في أن ما حدث يعتبر تطورا سلبيا وبحاجة إلى مراجعة متأنية من قبل القائمين على الشأن الاقتصادي في البلاد فضلا عن المهتمين بالشأن العام. من جهة أخرى، تعتبر نتيجة البحرين الأفضل بين الدول العربية قاطبة. يعتبر ترتيب دولة الكويت التي بدورها حلت في المركز رقم 50 على مستوى العالم أقرب دولة عربية بالنسبة إلى أداء مملكة البحرين. أما بخصوص النقاط فقد حصلت البحرين على 2,28 نقطة في تقرير العام 2006 (من أصل خمس نقاط على المؤشر) مقابل 2,15 من النقاط تم جمعها في تقرير 2005 (تدني وليس ارتفاع الرقم يعد دليلا على توافر المزيد من الحرية الاقتصادية). بحسب التقرير فإن تراجع البحرين يعود بالدرجة الأولى إلى ظهور مشكلة التضخم في الآونة الأخيرة. وتكمن الجوانب السلبية لظاهرة التضخم في أنها تساهم في رفع كلفة التمويل، إذ إن المصارف ترى لزاما عليها رفع معدلات الفائدة للتعويض من تدني القيمة الشرائية للعملة (نرجو مراجعة مقالنا في الصفحة الاقتصادية يومي السبت والأحد الماضيين). كما أن تدني القيمة الشرائية يؤدي إلى حدوث ارتفاع في أسعار السلع والخدمات. استنادا إلى إحصاءات صندوق النقد الدولي، فقد بلغ معدل التضخم في البحرين 3,34 في المئة للفترة ما بين 1995 و2004. بالمقارنة بلغت نسبة التضخم 0,04 في المئة (أي أقل من واحد في المئة) في الفترة ما بين 1994 و2003. بمعنى آخر، فإن مشكلة التضخم ظهرت في العام 2004، وهي آخر سنة تتوافر عنها معلومات تفصيلية. ويخشى أن يحدث المزيد من التردي لترتيب البحرين في مؤشر الحرية الاقتصادية وذلك على خلفية استمرار وتيرة الغلاء وخصوصاً الارتفاع الجنوني لأسعار العقار في البلاد. نواصل نقاشنا يوم الخميس لمراجعة جوانب أخرى من التقرير، إذ سنركز على أداء البحرين في المتغيرات المختلفة لمؤشر الحرية الاقتصادية
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1235 - الأحد 22 يناير 2006م الموافق 22 ذي الحجة 1426هـ