شاء القدر أن ألتقي خلال تأديتي فريضة حج هذا العام بالحاج محمد البالغ من العمر 59 عاماً، الحاج محمد هو واحد من كثير من البحرينيين الذين يعانون من الإهمال وعدم المبالاة المتفشية بين بعض الأطباء في وزارة الصحة، وهو ضحية من ضحايا الأخطاء الطبية التي تنتهي بالمريض إلى المقبرة، غير أن الله كتب له طول العمر على رغم ما عاناه في حياته، وعلى رغم الأمراض التي تفتك بجسده. ومن الروايات المؤلمة التي مرت على حياة الحاج محمد ورواها لنا، أنه كان يرقد في مجمع السلمانية الطبي نتيجة آلام كبيرة في الكلى، وكان الأطباء يصفون له مختلف أنواع الأدوية في محاولة لتهدئة الألم الذي كان يفتت جسمه، وبعد عدة أيام من التأوه من شدة الألم أعلمه الأطباء عن نقله لمكان آخر، ولم يكن يعلم إلى أين المسير، وما هي إلا بضع ساعات حتى وجد نفسه بين مجموعة من المرضى النفسيين ليخبره الأطباء بأنه سيستكمل علاجه في مستشفى الطب النفسي، فثار صاحبنا على الأطباء وأثار ضجة في المستشفى وأقام الدنيا ولم يقعدها وأعيد على إثرها إلى مجمع السلمانية. ولم تكن تلك الحادثة الأولى أو الأخيرة في حياة الحاج محمد، ففي إحدى المرات التي كان يرقد فيها في المستشفى تفاجأ بينما كان تحت تأثير المخدر بأنه موضوع في مكان ضيق، ولم يكن يعلم أين هو أو لماذا وضع في هذا المكان، فصرخ طالباً النجدة، وهنا اكتشف بأنه موضوع في تابوت، وبحسب ما روى الحاج محمد فإنه كان يرقد بالقرب من أحد المرضى الذي توفى بسبب آلام حادة في الكلى وبسبب إهمال الممرضات استبدل ملف المتوفى بملف الحاج محمد، وعندما جاء موظفو المستشفى لنقل المتوفى إلى المشرحة حملوا الحاج محمد الذي كان واقعاً تحت تأثير المخدر وتركوا المتوفي مكانه. هذه القضايا وغيرها الكثيرات تعج بها أروقة مجمع السلمانية الطبي، وأصبحت مادة دسمة تتناقلها ألسنة الناس في جلساتهم وأحاديثهم، كما أصبحت هماً يلاحق المواطن عندما يرغب في الذهاب للمستشفى، وهو ما حمل الشريحة الميسورة الدخل للجوء إلى المستشفيات الخاصة طمعاً في اهتمام طبي يرقى بمستوى المواطن البحريني.