نواصل في هذه الحلقة النقاش الذي بدأناه أمس )السبت( بخصوص معدلات الفوائد السائدة في المصارف التجارية في البحرين. مقال اليوم يهتم بالفوائد المفروضة على القروض وبطاقات الائتمان. الأرقام المذكورة في المقال تعود إلى الربع الثالث من العام 2005، وهي آخر ما كشفت عنه مؤسسة نقد البحرين حتى هذا التاريخ. فوائد متباينة على القروض تشير الإحصاءات إلى استمرار وجود تباين فيما يخص نسب الفوائد المترتبة على مختلف أنواع القروض، أي تلك المقدمة إلى الأفراد مقارنة ببعض الأغراض الأخرى مثل التجارة والصناعة. على سبيل المثال، بلغت نسبة الفائدة على القروض الشخصية الممنوحة بضمان العقار أكثر من 8 في المئة مقارنة بـنحو 9 في المئة لقروض السيارات. أما نسبة الفائدة الممنوحة على القروض الشخصية غير المضمونة فحدِّث ولا حرج لأنها تزيد على 12 في المئة. بيد أن هناك فرقا شاسعا بين نسب الفوائد المفروضة على القروض الشخصية مقارنة بسائر القروض والتسهيلات الأخرى )أقل من 7 في المئة لقروض الإنشاء والتعمير وأقل من 6 في المئة للصناعة(. وأمام هذا التباين في معدلات الفوائد ليس هناك ما يدعو إلى الغرابة من وجود رغبة لدى المصارف في تفضيل القروض الشخصية على غيرها من التسهيلات الأخرى. فيلاحظ أنه في نهاية الربع الثالث من العام 2005 منحت المصارف التجارية العاملة في البحرين 1088 مليون دينار على شكل قروض شخصية مقابل 241 مليون دينار لأغراض الإنشاء والتعمير. فوائد مرتفعة على بطاقات الائتمان من جهة أخرى تعتبر معدلات الفوائد على بطاقات الائتمان مرتفعة بشكل غير طبيعي بل جنوني. فبحسب احصاءات الربع الثالث للعام 2005 فحافظ متوسط الفائدة على بطاقات الائتمان على مستواه المرتفع )أي أكثر من 20 في المئة(. بالمقارنة بلغ متوسط الفائدة على بطاقات الائتمان نحو 18 في المئة في الفترة نفسها من العام 2004، وهو ما يمكن تفسيره بالتطور السلبي بالنسبة إلى المستهلك. ويلاحظ في هذا الصدد تعمد الجهات المصدرة للبطاقات الإشارة إلى الفائدة الشهرية )76.1 في المئة بدل التركيز على الرقم 20 في المئة( في محاولة واضحة للتأثير على نفسية مستخدم البطاقة. فضلاً عن الفائدة تحصل الجهات المصدرة لبطاقات الائتمان على عوائد أخرى إذ انها تفرض عمولة تصل إلى نحو 3 في المئة على الجهات التي تقبل خدماتها. بمعنى آخر عند شراء سلعة بقيمة 100 دينار فإن الشركات المصدرة لبطاقات الائتمان تخصم مبلغاً قدره 3 دنانير وبالتالي تدفع 97 ديناراً فقط للمؤسسات القابلة لبطاقاتها. لكن يلاحظ أن بعض المحلات تفرض على زبائنها رسم خدمة )3 في المئة مثلاً( في حال الدفع بواسطة بطاقات الائتمان وليس نقدا تعويضا لخسارتها. وبحسب علمنا فإن إلزام الزبائن بدفع الرسوم المفروضة من الجهات المصدرة للبطاقات يعد أمرا مخالفا للقوانين المعمول بها في البلاد. لكن لسان الحال هو القانون والتطبيق شيء آخر )نأمل أن نرى من مؤسسة نقد البحرين ردا توضيحيا بخصوص هذه المسألة(. أيضاً تحصل الجهات المصدرة لبطاقات الائتمان على رسوم جزائية أخرى على الحسابات التي لم تسدد المبلغ المحدود المطلوب المرصود إضافة إلى احتساب الفائدة )عموما يتم احتساب الفائدة على الأرصدة المتنقلة أو غير المدفوعة بشكل كامل نهاية الفترة وهي كما أسلفنا تزيد على 20 في المئة سنويا(. كما تفرض بعض الجهات المصدرة رسوم استصدار للبطاقات. حقيقة القول إن نسب الفوائد على بطاقات الائتمان مرتفعة جدا مقارنة بالمعدلات المفروضة على الخدمات المصرفية الأخرى مثل الودائع بل حتى القروض، كما أشرنا سلفاً. ويبدو جلياً عدم وجود أي ربط بين الفوائد المفروضة على بطاقات الائتمان مع تلك الممنوحة للتسهيلات المصرفية الأخرى مثل الودائع و القروض. وربما هذا يفسر استعداد المصارف لمنح بطاقات الائتمان بشكل ميسر بل اللحاق خلف الزبائن المحتملين بطرق مختلفة. ختاماً ليس من الواضح الأهمية النسبية لمعدلات الفائدة على مستويات المعيشة في البلاد، بل ان الأمر بحاجة إلى دراسة. لكن المؤكد أن المصارف التجارية العاملة في البلاد لا تدخر جهدا في الاستفادة من حاجة زبائنها وذلك بإلزامها بدفع فوائد عالية نسبيّاً
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1234 - السبت 21 يناير 2006م الموافق 21 ذي الحجة 1426هـ