بإعلان النتائج النهائية للانتخابات العراقية أمس تكون العملية السياسية في العراق قطعت المرحلة الأصعب في طريق تأسيس الدولة الحديثة المبنية على أسس الوطنية الحقة، فلم يتبق من استحقاق هذه العملية (نظرياً) سوى تشكيل الحكومة الجديدة وعقد مؤتمر الوفاق الوطني في بغداد نهاية الشهر المقبل ومن غير المتوقع أن يشكلا عقبة في هذا الطريق. فعلى الأغلب، لن يستغرق تشكيل الحكومة الجديدة فترة طويلة لأسباب كثيرة منها، فوز الائتلاف العراقي الموحد بنصف مقاعد البرلمان العراقي الجديد تقريباً، هذا الفوز الذي «رسم» بنسبة كبيرة توزيع المناصب الأساسية مثل رئاسة الوزراء والملف الأمني كما رسم شكل وقواعد التحالفات السياسية التي ستحدد طبيعة ومسار هذه الحكومة، فضلاً عن استمرار التحالف الشيعي الكردي ونتائج الانتخابات الأولى، التي حسمت تشكيلة مجلس الرئاسة، وهكذا لم يتبق سوى ضم العرب السنة إلى هذه الترويكا لتكتمل أركان البيت العراقي. كما أن هناك اجماعاً وطنياً مسبقاً على أهمية عقد مؤتمر الوفاق الوطني، وخصوصاً بعد أن حقق المؤتمر الأول في القاهرة نتائج مهمة لجميع الأطراف. لذلك، فان الاستحقاق الاهم في العراق الآن هو قناعة جميع الأطراف وخصوصاً «المعترضة» بالنتائج التي أعلنت أمس وانها تمثل تركيبة العراق ويجب احترامها والتعاطي معها، أما خلاف ذلك واستمرار «لعبة التشكيك» فلن يخدم العراق أبداً في الوقت الراهن كما في المستقبل، بل سيعمل على تكريس الحس الطائفي والتوتر الأمني فيه وربما يمتد إلى كل المنطقة. ان الاعتراف بالواقع الجديد ومزيد من الثقة بين الفرقاء كفيل بتضميد جروح هذا البلد، ويمكن لدول الجوار وخصوصاً العربية، أن تمارس دوراً مؤثراً على هذه الأطراف لتكريس (القناعة) والتوافق وتشكيل حكومة عراقية باستحقاق وطني لا يغض الطرف عن الاستحقاق الانتخابي. على الدول العربية أن تعي جيداً ما يحدث في العراق قبل فوات الأوان