العدد 1233 - الجمعة 20 يناير 2006م الموافق 20 ذي الحجة 1426هـ

إيران وأوراقها القوية

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

جاءت زيارة الرئيس الإيراني إلى دمشق لتعيد تأكيد رسم خريطة التحالفات الإقليمية ­ العربية في ظروف تشهد فيها المنطقة المزيد من الضغوط الدولية. فالزيارة استثنائية في إشاراتها السياسية، فهي تأتي في إطار تجاذبات تقودها الولايات المتحدة بهدف استدراج روسيا والصين ودول مجلس الأمن إلى التوافق على مشروع قرار يدوّل الملف النووي الإيراني. اللقاء بين الرئيسين السوري والإيراني في هذا الفضاء الدولي الذي يتوعد المنطقة بسيناريوهات عسكرية أعطى رسالة واضحة تقوم على فكرة بسيطة، هي: أن قوى الممانعة لاتزال على مواقفها الرافضة لمشروع تقويض دول «الشرق الأوسط الكبير»... وبالتالي فهي ليست خائفة من احتمال المواجهة. المواجهة من الاحتمالات المطروحة وخصوصاً بعد أن سربت صحيفة «صنداي تايمز» وغيرها سيناريوهات لضربات عسكرية. فالسيناريو الحربي يجب عدم استبعاده من الحسابات السياسية العامة حتى لو كررت واشنطن يومياً عدم رغبتها في التوصل إلى مثل هذا الاحتمال. ربما تكون الظروف الدولية والإقليمية والعربية غير ناضجة الآن لتنفيذ ضربات جوية للمواقع الإيرانية إلا أن التحركات الأميركية على أكثر من صعيد تشير إلى أن واشنطن تعمل على تهيئة المناخات الداخلية (الشارع والكونغرس) لتقبل احتمال المواجهة العسكرية بصفته الخيار الأخير... والحل الذي لابد منه لمنع حصول الأسوأ. الظروف غير ناضجة، ولكن إدارة الرئيس جورج بوش تستخدم كل أوراقها للضغط على أوروبا وروسيا والصين ومختلف المحاور المعنية للتوافق على صيغة تدوّل الملف الإيراني. والتدويل في حال نجحت إدارة «البيت الأبيض» في تمريره يعني أن سيناريو الحرب بات هو المرجح. القيادة الإيرانية لا تستبعد مثل هذا الاحتمال وخصوصاً بعد أن صدرت سلسلة تهديدات تلمح إلى فرض عقوبات، مضافاً إليها تسريبات صحافية تشير إلى استعدادات إسرائيلية لتوجيه ضربات جوية للمراكز النووية في أبريل/ نيسان المقبل. الأحاديث الصحافية عن انتهاء «إسرائيل» من التدريبات العسكرية قد تكون للتخويف وفيها بعض المبالغة... إلا أن القيادة السياسية الحكيمة يجب ألا تستبعد صحتها وأن تستعد لمثل هذه المواجهة المفروضة. تملك إيران الكثير من أوراق القوة للرد على هذه الهجمة، وهي تستطيع استخدامها والاعتماد عليها لمنع انتقال ملفها إلى مجلس الأمن وتعطيل خطة الولايات المتحدة التي تدفع باتجاه تدويل المسألة، ومن ثم التذرع بغطاء مجلس الأمن لتمرير سيناريو يخدم مصالحها وأمن «إسرائيل» في دائرة «الشرق الأوسط». أقوى الأوراق التي تملكها طهران تتمثل في سلمية مشروعها النووي وعدم تعارضه مع المواثيق والبروتوكولات التي وقعتها وتتعلق كلها بضمان عدم تحول برنامج إنتاج الطاقة إلى هدف آخر. فالمشروعية هنا تعتبر نقطة قوة للتأثير على الحلفاء والأصدقاء والمتعاطفين مع حق إيران في تنويع مصادر الطاقة. فالتأكيد على سلمية المشروع يضمن لطهران تأييد روسيا والصين لمنع نقل الملف إلى مجلس الأمن أو كسب مساندتهما لتعطيل صدور قرار عن دول المجلس في حال نجحت واشنطن في نقل الملف. وسلمية المشروع تعطي إيران قوة سياسية إقليمية تستطيع استخدامها لاقناع دول الجوار من باكستان إلى تركيا ومن روسيا إلى دول الخليج بالوقوف معها وربما التعاون لاحباط خطة زعزعة استقرار منطقة حيوية للاقتصاد العالمي. إيران ليست وحدها وهي تملك من القوة الداخلية والمقومات الإقليمية والعلاقات السياسية ما يكفيها من أوراق ضغط تستطيع استخدامها لقطع الطريق على خطة التدويل التي تقودها واشنطن. والزيارة التي قام بها الرئيس محمود أحمدي نجاد إلى دمشق تأتي في سياق الرد وإرسال إشارات سياسية مضادة تذكر الولايات المتحدة بوجود موانع إقليمية وعربية وخطوط تماس كثيرة تبدأ من فلسطين وتنتهي في طهران.

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 1233 - الجمعة 20 يناير 2006م الموافق 20 ذي الحجة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً