العدد 1233 - الجمعة 20 يناير 2006م الموافق 20 ذي الحجة 1426هـ

المشروع الوطني للتوظيف خطوة في الاتجاه الصحيح...

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

بدأ التدشين الرسمي لتسجيل العاطلين عن العمل عبر المشروع الوطني للتوظيف والذي انطلقت عجلات عربته في 2 يناير / كانون الثاني ،2006 أي مع إطلالة العام الجديد، ونأمل لهذا المشروع أن يحقق الهدف الأساسي الذي أطلق من أجله، وهو امتصاص جزء من مشكلة البطالة التي تعد من القضايا الاجتماعية المتحركة. جاء ذلك بعد الاهتمام الكبير الذي أولاه جلالة الملك بالمشروع ذاته ويتجلى ذلك من خلال تخصيص الاعتمادات المالية التي تقدر بـ 30 مليون دينار، جاءت «من خلال تحويل مخصصات الحكومة للأعوام الثلاثة (،2005 2006 و2007) لدعم صندوق العمل الذي لم يقر بعد بواقع 10 ملايين دينار لكل عام». جاءت هذه المرحلة بمراحل مسبوقة في مطابخ وزارة العمل من حيث الإعداد والتنظيم والتنظير والتخطيط. وقد أبدى القائمون عليه حماساً غير مسبوق ورغبة صادقة في الدفع به، والمساهمة في حل مشكلة التعطل والبطالة، ونأمل من العاطلين عن العمل أن يتجاوبوا ويتفاعلوا مع هذا المشروع بالشكل الأمثل، فالمشروع جاء من أجلهم. في الواقع، يحمل المشروع الكثير من الجوانب الايجابية المشرقة، فهو يتحمل مسئولية العاطلين عن العمل بدءاً من التسجيل مروراً بالتدريب وانتهاء بالتوظيف عبر مجموعة من المراحل والخطوات الإجرائية، وهذا ما أكده وزير العمل شخصياً من خلال اللقاءات التي قام بها ضمن الحملة الإعلامية للمشروع ذاته. كما أكده فريق العمل المكلف بالمشروع من خلال اللقاءات والجولات التي قام بها، ولكن هناك عدة ملاحظات نسجلها على المشروع. إن المشروع الوطني للتوظيف يعد أحد المشروعات الوطنية التي تهدف إلى القضاء على مشكلة البطالة، ولكن مع شديد الأسف استأثرت به وزارة العمل لوحدها من حيث صوغ المشروع من خلال الأساليب والآليات وغيرها من الإجراءات، بعدها بدأت الوزارة متمثلة في فريق العمل المكلف، أو على وجه الدقة اللجنة العليا، الخطوات العملية والإجرائية على الأرض لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه عبر اجتماعاتها، في الوقت الذي تجاهلت فيه مؤسسات المجتمع المدني وغيرها من الشخصيات التي لو أشركت في صوغ المشروع لكان لها أثر كبير في نجاحه، ولكن نجدهم لجأوا للاستعانة بهم فيما بعد، عند محاولة التنفيذ. في الوقت الذي بات من اللازم الاعتراف بأن القضايا والمشكلات الاجتماعية هي همّ الجميع، ولابد من التأسيس لثقافة المشاركات المجتمعية، وهذا لن يتأتى من خلال شعار يرفع، ولكن من خلال الممارسات العملية. تمنينا لو قامت الوزارة بعقد لقاءات مكثفة مع الجهات المهتمة بالموضوع من أجل إشراكها عبر وجود ممثلين في اللجنة. النقطة الأخرى التي يجب الالتفات إليها لضمان نتائج إيجابية للمشروع، هي رفع الأجور سواء في مرحلة التدريب أو التوظيف للعاطل عن العمل. حالياً يعترف بأن بمقدوره أن يحصل على وظيفة بكل سهولة، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في الراتب، وبالتالي من خلال الرواتب التي يطرحها المشروع (تتراوح ما بين 200 و300 دينار فقط)، في حين كشفت دراسة مركز البحرين للدراسات والبحوث عن أن 350 ديناراً تمثل خط الفقر، وبالتالي كل من يتدرب ويتم توظيفه من خلال المشروع سيضخ في بؤر الفقر والعوز، وبالتالي نكون قد انتهينا من مشكلة ووقعنا في مشكلة أخرى، ما يؤثر بشكل أو بآخر على مدى استمرارية العامل في الوظيفة نفسها. فعلينا من الآن أن نفكّر في السبل والآليات التي يمكن اللجوء إليها في حال وقعنا في مأزق كهذا، وهو أمر وارد. كما أن هذا الأمر سيؤثر سلباً حتى على عملية تسجيل العاطلين عن العمل في المشروع، فعندها لا يمكن الركون إلى الإحصاءات التي تم استحصالها بعد الانتهاء من مرحلة التسجيل. وقامت اللجنة المكلّفة بالمشروع بعدة لقاءات مهمة، سواء من خلال الالتقاء بعلماء الدين أو الشخصيات الكبيرة أو مؤسسات المجتمع المدني وغيرها من الأمور، ولكن فاتهم الالتقاء بممثلين عن العاطلين عن العمل أو ممثلين عن اللجنة الأهلية للعاطلين، أو الهيئة الوطنية لدعم المدرسين العاطلين عن العمل، لطرح المشروع عليهم وسماع ملاحظاتهم واقتراحاتهم، لمحاولة الالتقاء بدلاً من القطيعة. الهاجس الآخر الذي يقلق العاطلين ولابد من حسمه، هو أن المشروع ذاته جاء من أجل دفع العاطلين للعمل في القطاع الخاص، والذي يتذمر العاملون فيه لخلوه من امتيازات حقيقية تشجع العامل للبقاء فيه، فغالبية العاملين في القطاع الخاص يتحينون الفرص للانتقال من القطاع الخاص إلى القطاع العام في أي لحظة، على رغم أن هناك تطمينات من القائمين على المشروع بأن هناك فرق عمل تعمل ميدانياً من أجل العمل على جمع الوظائف المطروحة في ميادين العمل في القطاعين العام والخاص، ويتم جمعها في بنك الوظائف الذي استحدثته وزارة العمل. وبحسب تصريح وزير العمل فإن هناك تفاعلاً من الشركات، إذ قدمت إحدى الشركات الكبرى في الصناعات 300 وظيفة، وأخرى قدمت 120 وظيفة. ومن المعروف أن القطاع العام يعاني من التخمة، وبالتالي لا أتصور أن له إسهامات تذكر في تزويد بنك الوظائف. البعض يأخذ على المشروع أنه غير قادر على التنسيق مع وزارتي الداخلية والدفاع، وبالتالي لا يجد هناك جدية في حل مشكلة البطالة، بدليل أنه لو فتحت الوزارتان للبحرينيين لحلت مشكلة البطالة من دون الحاجة إلى مشروع وطني للتوظيف. في حين أن مجموعة لا يستهان بها من العاطلين عن العمل لا يرغبون في العمل في أي مكان غيرهما. كما أن هناك مخاوف تتعلق بأنه إذا ما انشغلت الحكومة بالمشروع الوطني فإن مشروع التأمين ضد التعطل سيعطل أو يوضع على الرف من جديد، وهكذا تتجدد مشكلة البطالة. مشكلة الجامعيين العاطلين عن العمل وبحسب المشروع ستخصص لهم رواتب (300 دينار) تعتبر غير مجزية، وخصوصاً إذا تمت مقارنتها برواتب القطاع العام، وأعداد هؤلاء كبيرة وبالتالي من المتوقع عدم تفاعلها مع المشروع. قضية عدم السماح للمستقيلين من وظائفهم بعد الأول من أكتوبر / تشرين الأول بالتسجيل في المشروع يجب أن تحسم في صالح المستقيل، لأن هؤلاء ربما يكونون أكثر حاجة إلى الوظيفة من غيرهم، كما أنهم أكثر انضباطاً بدليل أنهم ارتضوا التوظيف برواتب هزيلة لا تسمن ولا تغني من جوع، وعندما علموا بمشروع التوظيف قرروا الاستقالة، بعكس من لم يلتحقوا بأي فرصة عمل على الرغم من وجودها لعدة أسباب من بينها قضية الانضباط أو ضعف الراتب. وأخيراً، على وزارة العمل والقائمين على المشروع أهمية أن يكونوا على درجة عالية من الشفافية والصدقية مع العاطلين، وهذا ما أكد علماء الدين في لقاءاتهم مع وزير العمل، وبالتالي فإن الدفع باتجاه طمأنة العاطلين ودعم المشروع تتحمله الوزارة في حال الإخلال بأحد بنود المشروع، مع تمنياتنا القلبية للمشروع بالنجاح. * كاتبة بحريني

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1233 - الجمعة 20 يناير 2006م الموافق 20 ذي الحجة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً