منذ أمس الأول أصبحت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية حزبا سياسيا علنيا يتحرك من أجل أهدافه ضمن إطار القانون. .. والبيان الأول الذي صدر عن «الوفاق» حمل في طياته كل المطالب التي تحدث عنها الشارع السياسي الذي تمثله «الوفاق». الفرق بين الأمس واليوم هو أن «الوفاق» لها الحق «قانونيا» أن تصدر هذه البيانات السياسية وأن تعمل على تحقيق الأهداف التي تضمنها نظامها الأساسي، والذي اعتمدته وزارة العدل ونشرته في الجريدة الرسمية. النظام الاساسي دعا إلى الأهداف ذاتها التي تتحرك عليها «الوفاق»، بما في ذلك العمل على «تداولية» السلطة التنفيذية، وتطوير الحال الدستورية نحو وثيقة تحمل صفة «التعاقدية»، وتطوير تمثيل الشعب في البرلمان بحيث تصبح الغرفة المنتخبة مقدمة على المعينة... إلخ. ويوم أمس كان «ساخنا»، إذ نشطت «القوائم» لعقد تحالفات بهدف الفوز بالمواقع الرئيسية في الهيكلية الجديدة، ولاشك في أن أعضاء «الوفاق» استشعروا قيمة العمل السياسي السلمي، والمفاوضات، واللقاءات التي تنتج عنها اتفاقات لتداول السلطة فيما بينهم. التحدي الكبير أمام «الوفاق» هي أن تتحول فعلا إلى مؤسسة حزبية تتمحور حول هيكليات واجراءات وبرامج ورؤى... فالوفاقيون جربوا خلال السنوات الماضية الاعتماد على الشارع، والحركة الجماهيرية بصورة مباشرة، ونظام الاتصال بين القيادة والقاعدة واعتمدوا الخطب الحماسية واللغة التي تحمل في طياتها أكثر من معنى من أجل مراعاة الاجواء التي تتعرض للشحن بسبب النشاط الممتلئ جماهيريا. أما اليوم فإن «الوفاق» لديها آلية، ولديها أشخاص انتخبتهم القاعدة التي تمثل الشارع السياسي المعني بالأمر، وداخل اللقاءات والجلسات يمكن تطارح الآراء والأفكار والخطط ضمن نهج متماسك، لا يتنازل عن المبادئ، وانما يسعى إلى تحقيق الأهداف من خلال الوسائل المتاحة، وتطوير الوسائل المتاحة إلى المستوى الذي يصبو اليه أعضاء «الوفاق». العمل التنظيمي الحزبي أصعب بكثير من العمل الجماهيري، لأنه يحتاج إلى الخبرة أكثر من احتياجه إلى الخطبة الحماسية، ولأنه يحتاج إلى خطة عمل، وهذا أصعب من كتابة بيان أو توزيع رسائل نصية تدعو إلى التحرك هنا أو هناك... الجانب الحماسي يعتبر سهلا جدا مقارنة مع العمل الاحترافي للحزب السياسي، وعلى «الوفاق» ان تثبت إلى جمهورها انها تستطيع ان ترتقي بكوادرها إلى المستوى المطلوب. كما أن على «الوفاق» ان تبعث برسائل التطمين إلى الأطراف السياسية في الساحة بأنها تعمل من خلال الاجماع العام وتؤمن بالتعددية في الآراء، ولذلك فإن الخشية منها أمر غير مبرر. وقد بدا أن هناك من يخشى ان تتحول «الوفاق» إلى حزب سياسي فاعل، وهذا كان أحد الأسباب لمنع معهد الـ «إن. دي. آي» من تقديم مساعداته وخبراته في هذا المجال. «الوفاق» لديها جمهور أعطاها ثقته، وسيتوجب العمل بجد واجتهاد لتحقيق مطالب هذا الجمهور، ولاقناع الشباب الذين يتحركون بصورة تؤدي إلى المواجهات مع قوات الأمن بأن هناك سبيلا آخر، أفضل وأكثر فائدة للجميع، وهو يتمثل في العمل الحزبي المتطور الذي يدافع عن مصالح جمهوره عبر الوسائل القانونية المتاحة. «الوفاق» لديها جمعيات سياسية (أحزاب) متحالفة معها، والفترة المقبلة ستتطلب الابقاء على هذه التحالفات من جانب، وتوسيعها لتشمل الفعاليات المهمة في الساحتين السياسية والاقتصادية، ومن أجل كل ذلك فإن الحاجة ستزداد لمزيد من الاحتراف في العمل الحزبي العلني.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1233 - الجمعة 20 يناير 2006م الموافق 20 ذي الحجة 1426هـ