تصاعدت الأزمة السياسية في لبنان الأسبوع الجاري إلى درجة باتت تنذر بإحداث شلل في نمط الحياة وخصوصاً بعد تبادل الاتهامات بين الزعيم الدرزي وليد جنبلاط وحزب الله، الأمر الذي أعاد إلى الأذهان أيام الحرب الأهلية التي عصفت بالبلاد على مدى 15 عاما. ففي هجوم غير مسبوق اتهم جنبلاط المقاومة الإسلامية بالاختباء «وراء سلاح الغدر»، ولما ردت المقاومة بقوة على الزعيم الدرزي تملص من تصريحاته وقال إنه يقصد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ­ القيادة العامة. ونسي جنبلاط في تلك اللحظة أنه قال في تصريحات سابقة «نحن أقوى من السلاح الذي يمتلكونه سلاح الغدر وأقوى من السلاح الذي يدعون أنه للتحرير». وطالب أن يولي حزب الله وطنية أكثر للبنان وليس إلى سورية. وهكذا تختلط الأوراق والحقائق في لبنان الآن لدرجة أن سلاح المقاومة سواء كانت لبنانية أو فلسطينية يسمى بسلاح الغدر لأنه موجه إلى دولة الإجرام (إسرائيل). والأدهى من ذلك أن الرجل طالب حزب الله بالاعتذار لما لحقه من أذى، ونسي ثانية أنه بدأ بالتصعيد الإعلامي. كل هذا التوتر يترافق طبعاً مع استمرار تعليق وزراء حزب الله وحركة أمل عضويتهم في حكومة السنيورة. ومما زاد الوضع سوءاً التدخل السافر للسفارة الأميركية في بيروت في الشئون الداخلية. فقد أوردت صحيفة «السفير» نقلا عن السفير الأميركي قوله «آن الأوان للتخلص من حزب الله... على الحكومة أن تفعل ذلك الآن حتى تحظى بدعمنا الكامل». وجاءت هذه التسريبات متزامنة مع تصادم بين الشرطة اللبنانية ومتظاهرين ضد زيارة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشئون الشرق الأوسط ديفيد ولش لبيروت. واستعر الموقف أكثر بخروج 10 آلاف طالب لبناني «الثلثاء» احتجاجا على التدخل الأميركي الأحمق في شئونهم. من هنا، يتساءل الشارع العربي: إلى أين يتجه لبنان، إلى حرب أهلية أم إلى حرب إقليمية مع جارته سورية؟ وحتى المبادرة التي قامت بها المملكة العربية السعودية لتسوية الخلاف بين بيروت ودمشق تنكر لها المسئولون اللبنانيين وقالوا إنها أفكار سورية نقلتها لهم الرياض وكأنهم لا يعلمون فضل المملكة في اتفاق الطائف. لكن العزاء أن هناك عقلاء لبنانيون لا يتأخرون في طلب إصلاح ذات البين عربيا، منهم على سبيل المثال، الأمين العام لحزب السيدحسن نصرالله أخيراً الذي دعا العرب إلى التدخل بسرعة لنزع فتيل الأزمة