ثمة مخربون بالنص. يتكئون عليه لتمرير مشروعات بعضها تم تبنيه من قبل بعض أجنحة السلطة، والبعض الآخر من قبل جماعات محسوبة عليها وإن بدت خارج دائرة القرار، ولكنها تظل مؤثرة وفاعلة ومحركة للكثير من توجهاتها وتحركاتها. كل كتابة لا تتوخى تراكم الإصلاح، وتعزيز الوحدة الوطنية، ورفد ومؤازرة الإبداع، ومناهضة الاسفاف، ومقاومة الخروج على الذوق العام، والوقوف في وجه الخلاعات التي باتت تنمو كالفطر، هي في الصميم من التخريب، وأصحابها مخربون من الدرجة الأولى، بل ويكاد يكون أثر ممارستهم ماحقاً أكثر من سواه. الذين يمارسون التخريب من خلال الكتابة المحرضة، والداعية الى الإلغاء، وتغذية الإصرار على المواجهات لسبب ومن دون سبب، وتنمية روح الاقتلاع، وإذكاء نيران الفتن، يهددون كل محاولة للإصلاح، ويمهدون الطريق لغلبة الاسفاف، والخروج على الذوق العام، ويكرسون لخلاعات تصبح مع مرور الوقت جزءاً من السلوك العام وضلعاً من أضلاعه. وأكثر صحفنا لا تسوق مشروعاتها طويلة الأمد، إلا بتبني مثل تلك العيّنة من المخربين اليوميين والأسبوعيين، وأحياناً الشهريين. إذ لا يشكل عدد مرات الحضور فرقاً، مادام الهدف من تلك الكتابات هو ضرب البنية المجتمعية والأخلاقية والدينية في مقتل. على أن ميزان التعاطي مع ذلك النوع من التخريب لا يخلو من تمييز في هذا الإطار، وخصوصاً في مجتمعات مازالت العصبية القبلية والطائفية تلعب دوراً كبيراً في تعاطيها مع القضايا، ولها حضورها المهيمن في مجالات الحياة المتعددة، وهو تمييز يكشف عن الانحياز الى العصبية أكثر من انحيازه الى الدولة ضمن مفهوم متطور عام وجامع، وكذلك ضمن تفعيل ذلك المفهوم في حياة الأمة بأثر، ودور مؤسسات المجتمع المدني في الحراك السياسي والاجتماعي والثقافي الذي تلعب الدور الرئيسي في توجيهه
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 1232 - الخميس 19 يناير 2006م الموافق 19 ذي الحجة 1426هـ