إذا اردنا مستقبلاً للعراق فيجب أن يكون ديمقراطياً لا شيعياً ولا سنياً إنما تعددياً. التأدلج سيجره إلى الطائفية أياً يكن لونها. يجب ألا نسمح للعراق بتعميم نفسه على المنطقة، إذ يتحول الوطن العربي إلى عراقات ملونة، وجزر تنبعث منها روائح الانقسامات. يجب ألا يجرجر العراق بتناقضاته، بسلبياته وايجابياته إلى المنطقة وخصوصاً الخليج. ونحن في البحرين يجب ألا نسمح بجرجرة العراق إليه. أصحاب الافق المحدود سيعملون على نثر الالغام المؤدلجة في طريق الوحدة الوطنية. ستعزف السمفونيات وسيعزف على الجوقة القديمة ذاتها وكأن قدرنا في البحرين أن نكون الأرض التي تستقبل كل تناقضات المناطق الاخرى من شيعية وسنية. قدرنا أننا الأرض التي تنعكس عليها مشكلات وهموم المناطق الاخرى وكأننا لا نكتفي بحمل آلام مشكلاتنا الداخلية. وعادة ردود فعلنا أقوى من ردود فعل أهل المشكلة ذاتها. هي طيبة أم سذاجة أم تخلف وعدم وعي؟ لا أعلم. البحرينيون بلا تعميم قدرهم ان يقدموا القرابين ويا ليت أهل المناطق الأخرى يفكرون في أهل البحرين بقدر تفكيرنا فيهم؟ واحياناً ردود فعلنا على حساب اجيال قادمة، عند اشتعال الحرائق في حرب الخليج الأولى والثانية كان البحرينيون أكثر الناس تأثراً. الشعوب الأخرى تتأثر لهذه الحوادث وفي الوقت ذاته تفكر ايضاً في بلدانها واجيالها ومستقبلها. والدليل انها تتصالح مع اعدائها ونحن البحرينيين نزايد عليهم في ذلك التصالح. لو قمنا بحساب عدد التظاهرات التي تخرج لفلسطين مثلاً فهي أكثر من عدد المظاهرات التي يخرجها الفلسطينيون انفسهم. انا لست ضد فلسطين ولي قصائد نظمتها فيها، لكنني ضد الهوس، ضد اللهاث وراء الانفعالات بسبب أو من دون سبب. حتى في حرب العراق الاخيرة، العراقيون راحوا يعاتبون بعض البحرينيين على هوس المظاهرات (لأجل العراق) تماماً كما عاتبوا اللبنانيين على تدخلهم في الساحة العراقية. حماس والجهاد شاركتا في الانتخابات البلدية الاخيرة التي نظمتها السلطة الفلسطينية (العميلة لـ «إسرائيل») وفازت حماس بغالبية المقاعد على رغم انها من أوائل المتحمسين ضد الصلح مع السلطة بسبب التطبيع. نحن خرجنا في مظاهرات لأجل ذلك وانفعلنا، وها هم ومن حقهم ذلك يفكرون في اجيالهم ومستقبلهم السياسي. خرجنا في مظاهرات ضد علاقة العراقيين بالأميركان ومجلس الحكم وكانت إيران في التوجه ذاته. تم مجلس الحكم فأول وزير خارجية يصل بغداد هو خرازي على رغم أن الاستعمار الأميركي الامبريالي مازال يدير اللعبة في العراق. إيران ومن حقها ايضاً تفكر في مصالحها القومية ومصلحة شعبها ولكن السؤال: من يفكر فينا نحن البحرينيين وفي ردود فعلنا؟ في فترة الجهاد الافغاني ذهب آلاف العرب إلى افغانستان وانفعل عدد من البحرينيين بذلك وبعد الصلح ثم الحرب ثم السقوط دفع الخليجيون وعدد من البحرينيين جزءاً من الضريبة. أيام ظفار دفع البحرينيون ايضاً ضرائب عدة في ذلك. البحرينيون على شتى اطيافهم وان كان تتفاوت النسب انفعاليون تجاه القضايا الأخرى إلى درجة السذاجة احياناً، فلسطينيون اشد من الفلسطينيين تجاه قضيتهم، لبنانيون اشد من اللبنانيين، عراقيون اشد من العراقيين وافغانيون اشد من الافغانيين انفسهم والغريب اننا نزايد عليهم في قضاياهم واحيانا نرميهم بالتهاون مع قضاياهم. متى نفكر في واقعنا البحريني أولا ومن ثم القضايا الأخرى؟ لا تجرجروا تناقضات الدول الأخرى إلى البحرين بل اتوا بايجابياتهم التي منها تفكيرهم في مصالحهم أولاً. لست شوفينياً متعصباً للبحرين، ولكن عندي سؤال مهم: على رغم عشرات المنعطفات التي تمر بالبحرين سلباً أو إيجاباً هل سمعتم يوماً تفاعلاً من كل هذه المناطق المذكورة مع قضية بحرينية صغيرة أو كبيرة؟ هل خرجت مظاهرة؟ هل قرأتم بياناً؟ هل رفعت صورة؟ وفي احلك الظروف فإن البحريني كمجتمع بأطيافه لا بواكي عليه، لا برقيات تهنئة ولا حزن والتاريخ بين ايدينا. ادعو إلى التفاعل مع القضايا الأخرى ولست ضدها، ولكن بموازنة وألا يكون على حساب وحدتنا الوطنية ووطننا ومستقبل ابنائنا
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1231 - الأربعاء 18 يناير 2006م الموافق 18 ذي الحجة 1426هـ