أيها الصحافيون» إذا رأيتم المسئولين راضين عنكم فشكوا في أدائكم، هذه جملة قلتها عن قناعة على رغم أنني كنت «مازحاً» وكان ذلك في جلسة مع بعض زملاء المهنة، فثنّى عليها البعض وتحفظ عليها البعض الآخر، وهو حق مكفول لكلا الفريقين، كل بحسب نظرته التي ينظر بها إلى المهنة، وعلى أساسها يقوم ويقعد، ويفر ويكر على صفحات الصحف اليومية. لم أكن أقصد أن مهنة الصحافي أن يخوض المعارك العدائية الطاحنة مع المسئولين في مختلف المواقع الرسمية، وأن يجول بساطور أو «مربعة» ليتصارع مع المسئولين واحداً تلو الآخر حتى يستحق إطلاق نعت صحافي عليه، المغزى من تلك المقولة هو عدم تخلي الصحافي عن الدور الرقابي الذي هو بيت القصيد في كل عمله، فصحافي من دون رقابة ليس أكثر من حداد من دون فحم أو بحار من دون شباك أو جَمّال من دون جِمَال أو بناء من دون طين أو قل حتى مؤذن من دون صوت، المشكلة هي أن المسئولين وخصوصاً في الدول التي تنقصها الخبرة الديمقراطية لا يتفهمون الدور الرقابي للصحافي، معتقدين أن دوره يقتصر على نشر إنجازاتهم المجيدة وتصريحاتهم العصماء وصورهم الغراء وكفى، أما أن يقف الصحافي في مؤتمر صحافي، ويسأل: أين ذهبت الموازنة المرصودة للمشروع الفلاني فهذا «عيب» أو أن يقف ويسأل عن توظيف المجموعة الفلانية من تحت الطاولة ومن دون إجراء امتحانات أو مقابلة شخصية على رغم وجود آلاف الطلبات المماثلة، فهذا سؤال ربما يعبّر عن «قلة أدب واحترام» وهكذا، إذا لم يكن المسئول مسئولاً أمام الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى، فسيختل التوازن الذي تتأسس عليه دولة المؤسسات والقانون، وسيجد المجتمع المسئول ليس مسئولاً، وسيجد المسئول نفسه في بستان مليء بالفواكه والخضراوات يأكل منها كيف ومتى يشاء، ولا رقيب ولا حسيب... لأن سؤال المسئول «عيب»، والاستفسار منه «قلة أدب»، وحتى النظر إليه «تجسس»،
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 1231 - الأربعاء 18 يناير 2006م الموافق 18 ذي الحجة 1426هـ