العدد 1231 - الأربعاء 18 يناير 2006م الموافق 18 ذي الحجة 1426هـ

إلى أين سيأخذنا التقليد

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

إن المشاهد لشارع كورنيش البحرين بعد بناء الأبراج العملاقة يعجب من الكيفية التي تحول بها ذلك الشارع الرقيق في أقل من عام واحد الى شارع يشبه شارع الشيخ زايد في مراحله الأولى منذ سنوات قليلة. مع رجائي عدم الاستمرارية في مثل هذه الأبراج حتى لا تهلك البحرين في الزحمة المرورية، التي تعاني منها دبي والتي قد يستغرق قطع هذا الشارع من جرائها أحياناً أكثر من ساعة وهو لا يتعدى 2 إلى 3 كيلومترات فقط، ولأول مرة في البحرين يتم العمل في هذه الأبراج بنظام الثلاث نوبات، يعني 24 ساعة في اليوم (وطبعاً، مئة في المئة من المشروع كان للأجانب) ولا يوجد بحريني واحد ساهم في المشروع (ونحن نعاني من البطالة)، أو المشروعات تقام في بلادنا، 3 أبراج ضخمة... لا دخل لنا في بنائها، إن السرعة القياسية التي قام بها هذا المشروع مفرحة حقاً، ولكن هل كنا نائمين وأفقنا فجأة؟ ما الذي حدث بين يوم وليلة لنقفز إلى عمل بنايات من دون الاهتمام بالبنية التحتية من شوارع وأساسات المملكة من مرافق وكهرباء وماء... إلخ. هل نحن مقلدون أم ماذا؟، لتشويه هذا الشارع الرقيق ولكي تصحو المنامة من نومها الهادئ الجميل على هذه الوحوش الكاسرة من البنايات التي باتت تحجب الشمس والقمر والهواء المنعش عن ذلك الطريق الكورنيشي الجميل... ولقد كانت المنامة تمثل المكان الجميل الهادئ للنوم لمن لا يمكنه النوم في أماكن أخرى، ولكن يبدو أن هذا الهدوء سينقلب إلى ضجيج وضوضاء، وربما نحتاج إلى تغيير هذا الاسم ليصبح «اللاأنامة» (من عدم النوم) بدلاً من المنامة؟، إن هذا الشارع مازال مكدساً بالسيارات بشكل مخيف وخصوصاً بعد انتقال زحمة السيف إلى منطقة الريجنسي... إذ قام المهندس الشاطر الذي بنى الجسور العلوية في السيف بنوعية للسيارات من هناك إلى هنا؟، والآن ما العمل بعد افتتاح الأبراج والسكنى فيها؟، هل سيتم بناء جسور أو انفاق خاصة بالسيارات، أم سندخل في معاناة عصرية جديدة وغريبة ونتسلى بالوقوف في طابور السيارات والزحمة وزيادة استعمال النقال لقضاء الوقت؟، أما المشكلة الثانية فهي كيف سيتم توزيع الكهرباء والماء؟ في اعتقادي ستكون هناك نواة ومحطة كهربائية خاصة لهذه الأبراج ولن تشارك المدينة بأي حال من الأحوال كي لا نضطر إلى الحفريات في الشوارع من جديد للإمدادات أو أن تعاني الأبراج من انقطاع الكهرباء والماء مثل «المساكين في المدينة» لأن هذه الأبراج لن تحتمل إطلاقاً أي انقطاع كهربائي في الصيف أو الشتاء، نظراً إلى خطورة مثل هذا الانقطاع على تشغيل المصاعد إذا ما توقفت وقد تؤدي إلى التهلكة والموت المحقق لا سمح الله، مثلما يحدث دائماً في الإمارات وأماكن أخرى من العالم، والشيء الثالث الذي يؤرقني جداً هو: هل فكر القائمون على المشروع في كيفية إطفاء الحرائق أو إنزال المصعد إذا ما توقف فجأة فوق، ولم يتمكنوا من إنزال الرافعة؟، وهل توجد رافعات في البحرين؟، بحسب علمي أن مراكز الإطفاء في البحرين لا يزيد عدد ارتفاع ناقلاتها عن ستة أو سبعة أدوار كحد أقصى، وما عدا ذلك مشكلة، ويحتاج إلى مروحيات جاهزة مزودة ببراميل مياه وأدوات خاصة لإطفاء الحرائق، فهل هنالك إمكانات لتوفير مثل هذه الأعداد الضخمة من الإمكانات لتلبية مثل هذه الاحتياجات الضرورية؟، إنني أتساءل، وأرجو أن تكون هنالك الاستعدادات الكافية لتغطية مثل هذه المشروعات الضخمة في بلادنا الصغيرة. إن هذه الكماليات من الأهمية بمكان، بحيث تكون اليد اليمنى في المساعدة لمثل هذه المشروعات في البقاء والاستمرار والنجاح، ومن دونها تصبح مشروعات غير منتجة. بل، وقد تُصاب بنكبة ما بعدها نكبة نحن في غنى عنها. إن هذا الرصد للمشكلات التي ستواجهنا في التوسعة العمرانية هو رصد تاريخي أود أن ألفت إليه نظر المسئولين وخصوصاً أننا على أبواب انفتاح اقتصادي وعمراني. وآمل أن تكون دائماً هنالك حلول ومفاتيح واقعية لهذه المشكلات المعقدة والتاريخية في دولتنا، وأرجو من الله تعالى أن يُبعدنا عن كل سوء، ويحمي هذا الشعب الآمن من غزو الحضارة ومشاكستها. * كاتبة بحرينية

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 1231 - الأربعاء 18 يناير 2006م الموافق 18 ذي الحجة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً