العدد 1231 - الأربعاء 18 يناير 2006م الموافق 18 ذي الحجة 1426هـ

تدويل الملف الإيراني

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

هناك ملفات كثيرة بحثها نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني في جولته المكوكية على المنطقة. فهناك الملف الفلسطيني وتفرعاته المتصلة بالانتخابات ومرض ارييل شارون وصولاً إلى البدائل المفترضة في حال رحيله. والملف اللبناني والعلاقات اللبنانية ­ السورية المتأزمة والوساطات العربية المتعلقة بهذا الشأن. وموضوع التحقيق في جريمة اغتيال رفيق الحريري وتعاون دمشق مع اللجنة الدولية. وهناك ملف العراق والانتخابات واحتمال تشكيل حكومة وحدة وطنية وما يقال عن إعادة انتشار للقوات الأميركية وموضوع إرسال قوات عربية ­ إسلامية مشتركة للتموضع في بعض المناطق التي يمكن أن ينسحب منها الاحتلال. هناك الكثير من الملفات يقال إن تشيني حملها معه أو بحثها مع المسئولين في مصر والسعودية وبعض دول الخليج وكلها تتعلق بشئون المنطقة والعلاقات الثنائية والمستجدات الطارئة في هذا الحقل. المستجد الطارئ في جولة تشيني كان الموضوع المسكوت عنه، ولكنه كان الأهم وشكل الملف المركزي في مختلف القضايا... وهو مسألة إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن. هذا هو الجديد في الجولة. فالملف الإيراني انتقل منذ فترة ليست قصيرة إلى مقدمة الاهتمامات الأميركية في المنطقة. وكل اللقاءات والاتصالات التي جرت في لندن وموسكو تتركز الآن على هذه النقطة المركزية بهدف تأمين التوافقات الدولية والإقليمية لتدويل الملف النووي الإيراني. ومن أجل تمرير هذه المهمة، أظهرت واشنطن استعدادات متنوعة لتقديم تنازلات جزئية في أكثر من مكان لاقناع الدول المعنية بضرورة تسهيل ترحيل الملف إلى مجلس الأمن تمهيداً لتدويله. ولتحقيق هذا الهدف تقاطرت الوفود إلى موسكو لتليين موقفها وحثها على الموافقة مقابل تنازلات جزئية في الموضوع الأوكراني. كذلك أعادت واشنطن فتح ملف كوريا الشمالية النووي مبدية استعدادها لتقديم تنازلات جزئية مقابل ضمان موقف بكين. واشنطن تعتبر الآن أن مهمتها الأولى هي محاصرة إيران وتطويقها والضغط عليها، وهذا لا تستطيع أن تتوصل إليه من دون غطاء دولي يعطيها الذريعة القانونية للتدخل في الشئون الإيرانية وتعطيل حقوقها المشروعة في بناء برنامجها السلمي. ومشروع التدويل هو المدخل، ولذلك شكل حجر الزاوية في مختلف الملفات التي حملها تشيني في جولته الأخيرة. الولايات المتحدة تحسب لإيران حسابات مختلفة وترى فيها دولة قادرة على أن تلعب سلسلة أدوار سياسية من قريب أو بعيد في التأثير على درجة حرارة نقاط التوتر في المشهد الإقليمي. فواشنطن لا تستطيع أن تعالج الملف الفلسطيني من دون الانتباه للدور الإيراني السياسي في الموضوع، كذلك لا تستطيع تطبيق ما تبقى من القرار الفتنة 1559 في لبنان من دون ملاحظة التأثير السياسي لإيران... وهكذا وصولاً إلى تحالفها الخاص مع دمشق ودورها المميز في العراق. كل هذه الملفات التي يقال إن تشيني حملها معه في جولته الأخيرة متصلة، بهذه الحدود النسبية أو تلك، بدور طهران السياسي وموقعها ذي الطبيعة الخاصة في التوازنات الإقليمية. وبسبب هذا الثقل السياسي لإيران اتجهت واشنطن في المدة الأخيرة إلى إعادة تحريك الملف النووي وأخذت بدفعه إلى مجلس الأمن. تدويل الملف الإيراني يشكل الآن بالنسبة إلى الولايات المتحدة خطوة حيوية لأنه يربط كل الملفات بشماعة واحدة ويعيد ترتيب جدول الأولويات وفق حلقات مترابطة تبدأ من طهران وتنتهي في لبنان وفلسطين وربما السودان. ومن هنا يمكن فهم هذا النشاط الأميركي من الصين وأوروبا إلى روسيا والمنطقة. فهذا النشاط يهدف إلى استنهاض استراتيجية التقويض الأميركية التي تعرضت لسلسلة انتكاسات في الفترة الأخيرة. وبرأي واشنطن أن عملية الاستنهاض تحتاج إلى تحريك الملف النووي الإيراني وتدويله. وحتى تتعطل الجهود الناشطة بهذا الاتجاه لابد من تحرك إيراني مضاد لمنع احتمال نقل الملف إلى مجلس الأمن والدفع باتجاه تدويله. وهذه المهمة ليست صعبة.

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 1231 - الأربعاء 18 يناير 2006م الموافق 18 ذي الحجة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً