العدد 1231 - الأربعاء 18 يناير 2006م الموافق 18 ذي الحجة 1426هـ

أمور لم يرصدها تقرير ديوان الرقابة المالية للعام 2004

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

نختتم في هذه الحلقة (الرقم 20) النقاش الذي بدأناه منذ فترة عن بعض التفاصيل الواردة في تقرير ديوان الرقابة المالية للعام ،2004 ونزعم في هذا المقال ان التقرير لم يكن منصفاً بشكل كامل نظراً إلى تجاهله بعض الوزارات والهيئات الحكومية.

نقص الجرأة

فقد ناقش التقرير بإسهاب مسألة قيام وزارة المالية بتدوير مبلغ قدره 85 مليون دينار من المصروفات المخصصة لموازنة نفقات المشروعات للسنة المالية 2004 إلى السنة المالية 2005 بطريقة غير سليمة. المؤكد أن تصرف وزارة المالية غير مقبول بأي حال من الأحوال. لكن بالمقابل لم يتمتع ديوان الرقابة بقدر كاف من الجرأة لإجراء مناقشة قانونية لقضية تحويل مبلغ لا يقل أهمية للأغراض العسكرية من الوفر المالي الذي تحقق في العام .2004 المعروف أن الموازنة تمكنت من تحويل العجز المتوقع وقدره 440 مليون دينار إلى فائض مقداره 196 مليون دينار. لكن كما أسلفنا فقد قررت الحكومة تدوير 85 مليون دينار من الوفر المالي لمصروفات المشروعات، فضلاً عن 51 مليون لمصروفات التسليح والتطوير وعليه تم تسجيل وفر صاف قدره 60 مليون دينار. السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام هو لماذا لم يناقش التقرير قضية تحويل مبلغ ضخم إلى التسلح والتطوير في المؤسسة العسكرية في الوقت الذي تم تخصيص صفحات مطولة لدراسة تداعيات قيام وزارة المالية بتدوير 85 مليون دينار؟

تجاهل بعض الوزارات

أيضاً يؤخذ على التقرير اشارته لتجاوزات محدودة نسبيا في وزارتي الدفاع والمواصلات. بخصوص وزارة الدفاع أبدى التقرير رأيا متحفظا على الحسابات الختامية لوزارة الدفاع بسبب عدم تمكنه التأكد من صحة المعلومات الواردة بخصوص مطلوبات قيمتها 8,7 ملايين دينار. فقد أرجع التقرير هذه المخالفة إلى ضعف أنظمة الرقابة الداخلية في الوزارة. كما أشار التقرير إلى قيام وزارة المواصلات بإعفاء عدد من الوزارات والسفارات الأجنبية من رسوم تراخيص الترددات. بمعنى آخر على القارئ أن يصدق بأن وزارة المواصلات ارتكبت هذا الخطأ فقط، لا غير. والحال نفسه ينطبق على وزارة الدفاع، والتي بدورها اعتبرت المستفيد الأكبر من المصروفات الحكومية.

التركيز على بابكو وألبا

أما بخصوص المؤسسات التابعة للدولة أو شبه الرسمية، يلاحظ أن التقرير ركز على كل من شركتي بابكو وألبا، لكنه تجاهل «بناغاز». فقد أورد تفاصيل كثيرة (بل مملة) عن التجاوزات المزعومة في شركة بابكو على وجه التحديد من قبيل إبرام الشركة الكثير من العقود والتي تفوق قيمتها 100 ألف دينار متخطية بذلك مجلس المناقصات. أيضاً أشار التقرير إلى تفضيل بابكو التعامل مع بعض الموردين مع ذكر تفاصيل عن هذه الشركات. أما فيما يتعلق بشركة ألبا فقد أشار التقرير إلى وجود ضعف في أنظمة الرقابة في الشركة من قبيل قبول عروض لا تتطابق والمواصفات المطلوبة فضلاً عن قبول عطاءات من موردين بعد إقفال صندوق العطاءات. على القارئ أن يسأل عن سبب التركيز على هاتين المؤسستين الوطنيتين واللتين تتميزان بالحرفنة أكثر من غيرهما. فشركة ألبا تعتبر رائدة بين مثيلاتها على مستوى العالم فيما يخص تدني كلفة الإنتاج وغيرها من الإنجازات. ربما هناك أسباب أخرى تفسر هذا الاهتمام البالغ من قبل ديوان الرقابة المالية في كل من بابكو وألبا دون شركة بناغاز.

أسئلة بحاجة إلى أجوبة

المطلوب من ديوان الرقابة المالية أن يشرح للجمهور لماذا ركز على وزارات وجهات حكومية ومؤسسات وطنية من دون غيرها؟ بمعنى آخر أورد التقرير تفاصيل كثيرة عن وزارة المالية ربما لتبرير فصل القسم الاقتصادي عن الوزارة واسناد المهمة الى مجلس التنمية الاقتصادية. أيضاً وبناء على نتائج التقرير قد نرى في المستقبل اسناد المزيد من أعمال وزارة المالية إلى مجلس التنمية الاقتصادية. أيضاً لم يشر التقرير بأي شكل من الأشكال إلى سير الأمور المالية في كل من الديوان الملكي وديوان ولي العهد وديوان رئيس الوزراء. على أقل تقدير كان المطلوب من ديوان الرقابة المالية أن يزعم بخلو هذه الدواوين من التجاوزات المالية. وكما هو معروف فقد أكد صاحب الجلالة في أكثر من مناسبة أن لا أحد فوق القانون. ختاماً... نرى أن تقرير ديوان الرقابة للعام 2004 تميز بنقله للكثير من التجاوزات المالية سواء في الوزارات أو الجهات الحكومية أو المؤسسات الوطنية. الأمل كبير في أن لا يغفل تقرير ديوان الرقابة للعام 2005 التجاوزات المالية في جميع الوزارات والهيئات الحكومية والمؤسسات الوطنية. بل إن هناك ضرورة للتركيز على الجهات غير المشمولة في تقرير العام .2004 المؤكد أن الغرض النهائي لمن شارك في اعداد التقرير أو التعليق عليه هو وضع حد لهذه التجاوزات، وفي ذلك مصلحة البلاد والعباد. ابتداء من يوم الاثنين المقبل سنبدأ نقاشاً عن النتائج التي حصلت عليها البحرين في تقرير الحرية الاقتصادية للعام .200

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 1231 - الأربعاء 18 يناير 2006م الموافق 18 ذي الحجة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً