العدد 1231 - الأربعاء 18 يناير 2006م الموافق 18 ذي الحجة 1426هـ

«المنبر الإسلامي»: قانون «الإرهاب» يضيق من الحريات ويوسع من الجريمة ويضاعف العقوبة

بعثت بتحفظاتها إلى «خارجية النواب» التي تناقش المشروع

أكدت كتلة المنبر الوطني الإسلامي في مجلس النواب في مرئياتها بشأن مشروع قانون مكافحة الإرهاب، أن المشروع يتضمن مجموعة من المصطلحات والمفردات والعبارات التي تحمل أكثر من معنى تضيق من نطاق الحريات وتوسع من نطاق الجريمة وتضاعف العقوبة، ما يجعله تراجعا للمكتسبات السياسية والحقوقية التي تحققت لشعب البحرين في ظل المشروع الإصلاحي لجلالة الملك. وأشارت الكتلة من خلال المرئيات التي تقدمت بها إلى لجنة الشئون الخارجية والدفاع والأمن الوطني في مجلس النواب بشأن المشروع ­ والذي يتكون فضلا عن الديباجة والمذكرة الإيضاحية من (35) مادة تتناول كلها العقوبات الواردة على العمل الإجرامي ­ إلى أن «المذكرة الإيضاحية في الفقرة الأولى من مشروع قانون الإرهاب حددت ثلاثة أسباب لسن هذا القانون تمثلت في مشاركة المجتمع الدولي فيما يساوره من قلق بالغ إزاء تصاعد أعمال الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره في عدد غير قليل من البلدان، وفي ان قانون العقوبات البحريني الصادر بالمرسوم بقانون رقم (15) للعام 1976 قد جاء خاليا من أي نص يجرم الأعمال الإرهابية، إضافة إلى أن الاتفاقات الدولية تعمل على تشجيع الدول على وضع إطار قانوني شامل من شأنه منع الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره». وأكدت الكتلة أنه «من خلال المبررات السابقة يتبين انتفاء الحاجة لسن قانون مكافحة الإرهاب نظرا لغياب أهم الأسباب وأقواها، وهو عدم وجود تهديد داخلي أو خارجي لشن الأعمال الإرهابية، مبينة ان المجتمع الدولي ليس متفقاً بالكامل بشأن أهمية قانون مكافحة الإرهاب، اذ إن هناك دولا لم تسنه لأنها غير مهددة ودولا أخرى خصوصا في أوروبا بدأت تراجع قانون الإرهاب لديها لتأكدها من عدم نجاعته من الناحية التطبيقية وأنه أهدر مكتسبات قانونية وحقوقية، أما في الولايات المتحدة الأميركية فبدأت تظهر عدة أصوات لها وزنها ومكانتها في المجتمع الأميركي تدعو إلى مراجعة قانون الإرهاب». كما ذكرت «ان القول إن قانون العقوبات لا ينظم الجرائم الإرهابية ادعاء مناف للحقيقة إذ إن غالبية العقوبات المنصوص عليها في المشروع منصوص عليها في قانون العقوبات، كما أن القانون وسع من نطاق العقوبة إلى درجة وصلت إلى حد تقليص الحريات التي اكتسبتها مملكة البحرين وأصبحت من خلالها مثلا يقتدى به لكثير من دول العربية عموما ودول الخليج العربي خصوصا، وهو ما أكسبها مكانة محترمة داخل منظومة المجتمع الدولي». وذكرت الكتلة أن المشروع بقانون يضم مجموعة من المواد التي تحتوي على الكثير من المفاهيم والمصطلحات الهلامية، وأن المادة (1) التي تناولت تعريف «الإرهاب»، حاولت تفسيره على أساس مصطلحي القوة والعنف، غير أن المشروع بقانون لا يرد فيه تعريف للفظتي «القوة» و«العنف». الأمر الذي من شأنه أن يوقع القضاة والخبراء القانونيين والرأي العام في لبس عند فهم وتفسير هذه المادة والتحديد الدقيق للأفعال التي تعتبر «إرهاباً». أما مسألة التعريف بالتهديد «باستخدام العنف»، فأشارت الكتلة إلى أن يُستخدم ضد أشخاص ليسوا متهمين بارتكاب العنف، بل بسبب انتمائهم المزعوم إلى بعض القوى السياسية المعارضة المتهمة من طرف السلطة باستخدام العنف. لأنه قد يُنظر إلى مثل هذا الانتماء على أنه تهديد بارتكاب فعل من أفعال العنف، ما يؤدي إلى تحميل الشخص مسئولية أية أفعال عنف ترتكبها المجموعة على أساس مجرد الانتساب، لا التورط الفعلي في ارتكاب الفعل. وبينت الكتلة في هذا الصدد، «إن عدم إعطاء تعريف واضح للدرجة التي تشكل (إرهاباً) أو عنفاً، يمكن أن يشمل ذلك أشخاصاً يتظاهرون أمام مبنى تابع للحكومة أو لإحدى الشركات أو بداخله، أو جالسين في طريق عام، وبالتالي يشكل تهديداً واضحاً لحق الأشخاص في حرية تأليف الجمعيات وحرية التعبير وفي حق النقابات في تشكيل الاعتصامات للذود عن حقوقهم ومكتسباتهم النقابية». أما المادة (2) فأشارت الكتلة إلى «ورود مصطلح الغرض الإرهابي» والذي على أساسه تم تشديد العقوبة على المجموعة من الأفعال الإجرامية، كما أن المادة المذكورة لم تحدد ما المقصود بالغرض الإرهابي، فكلمة «الغرض» هنا فيها نوع من الغموض وعدم التحديد، وأنه من غير الواضح فيما إذا كان المقصود منها الهدف الإرهابي أو الأهداف الإرهابية، أو العمل الإرهابي. كما أشارت اللجنة إلى أنه تم في المادة الثانية تحديد مجموعة من الأعمال الإجرامية التي يمكن أن تكون عملا إرهابيا، موضحة أن هذه الأعمال الإجرامية تحتوي على مجموعة من المصطلحات الفضفاضة وقائمة على مصطلح «الغرض الإرهابي» والذي على أساسه تم تشديد العقوبة في المادة الثالثة، ومن هذه المصطلحات «الاعتداء على سلامة الأشخاص أو حرياتهم» الأمر الذي يستدعي الحاجة إلى معرفة حدود هذا الاعتداء على الحريات والمقصود «بسلامة». كما ورد في البند (3) مصطلح «الإتلاف»، بينما لم يحدد المشرع ما هي الأشياء موضوع الإتلاف بل جعل الأمر مسألة تقديرية بيد السلطة، وما قيل عن المصطلحين السابقين في البند (1) والبند (2) يقال عن مصطلح «السرقة أو اغتصاب الأموال» في البند (4) وعن «مصطلح الجرائم المتعلقة بالأديان» التي اعتبرتها اللجنة مصطلحات فضفاضة وتحتمل أكثر من تأويل خصوصا إذا كان مصطلح الغرض الإرهابي الذي قامت عليه هذه الجرائم غير محدد بدوره، فجريمة السرقة جريمة عادية وعقوبتها منصوص عليها في قانون العقوبات، وهو ما دفع الكتلة إلى التساؤل عن الحكمة في تشديد عقوبة السرقة. أما المادة (6) التي نصت على «تنفيذ عقوبة الإعدام على كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار، على خلاف أحكام القانون، جمعية أو هيئة...»، فأشارت الكتلة إلى أن عبارة «على خلاف أحكام هذا القانون» غير واضحة، وغير معروف فيما إذا كان المقصود هو قانون الإرهاب، أو قانون الجمعيات. كما نصت المادة نفسها على أن: «الغرض منها الدعوة بأية وسيلة إلى تعطيل أحكام الدستور...» ويلاحظ أن مصطلح «الدعوة بأية وسيلة» يسمح للسلطات باتهام أي شخص الذي يدير هيئة مخالف لأي قانون في المملكة ويدعو بأية وسيلة إلى الاعتداء على الحرية الشخصية للمواطن. فيما لاحظت الكتلة أن المادة (9) نصت على عقوبة السجن المؤبد على كل مدير لجمعية ارتكب أي من «الجرائم الإرهابية» المنصوص عليها في «قانون الإرهاب» حتى ولو كانت هذه الجرائم لا تصل إلى عقوبة السجن المؤبد أو جرائم يمكن أن تصل إلى الإعدام، ولكن بما أنها ارتكبت داخل نطاق الجمعية أو المنظمة أو المؤسسة فإن عقوبتها هي السجن المؤبد حتى ولو كانت العقوبة من قبيل «الدعوة بأية وسيلة» أو «إذا كان من شأن ذلك إيذاء الأشخاص» أو الدعوة إلى الإخلال بالنظام العام...» وهي مااعتبرتها اللجنة مصطلحات فضفاضة وتحمل أكثر من معنى وأكثر من تأويل. وأكدت الكتلة أن المادة (18) تساوي بين الشخص الذي ينوي الشروع في الجريمة وبين الشخص المرتكب للجريمة، إذ نصت المادة على «أن يعاقب على الشروع في إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون بذات العقوبة المقررة للجريمة التامة» وهذا ما وصفته الكتلة بالأمر الخطير للغاية، مستدلة على ذلك بأنه يمكن لأشخاص عند مصادرة أجهزة الكمبيوتر لديهم ووجدوا فيها مثلاً مواقع إلكترونية تحض على الجهاد أو أي موقع آخر يمكن أن يكون من نظر السلطات يحض على استعمال القوة فإنه يتهم بالشروع في القيام بأعمال إرهابية ويعاقب بالعقوبة المقررة في الجريمة التامة. أما المادة (22) التي تنص على «في جميع الأحوال تكون عقوبة الإعدام إذا ترتب على فعل الجاني موت الشخص أو أكثر، وهذا ما اعتبرته الكتلة محاولة لتغييب مسألة مهمة وهي القصد الجنائي، معتبرة الكتلة «المادة (24) من أخطر مواد هذا القانون إذ إنها تسمح للقاضي بأن يتخذ تدبيراً أو أكثر فضلا عن الحكم بالعقوبة المقررة، فيمكن أن يحكم مثلا بالسجن مدة معينة حسب ما تنص عليه المادة المقررة للعقوبة، بالإضافة إلى حظر الإقامة في مكان معين أو منطقة معينة، إذ إنه في حال قيام شخص بسرقة اعتبرت من طرف النيابة العامة ذات غرض إرهابي، كاعتداء شخص على سائح أجنبي وحاول سرقته، فيمكن للنيابة العامة أن تعتبر هذا عملا إرهابيا يهدد السياحة في البلد ويضر بالاقتصاد الوطني ويؤدي إلى الإضرار بأمن المجتمع الدولي، فيترتب عليه ­ بالإضافة إلى مضاعفة المدة المقررة في المادة الثانية والثالثة ­ أن يحكم عليه بحظر التردد على أماكن أو محال معينة، كأن يحظر بعدم الاقتراب من الفنادق أو المطاعم التي يمكن أن يوجد فيها أجانب، وهو ما اعتبرته اللجنة بالأمر الخطير للغاية ويهدد وحدة النسيج الاجتماعي للمجتمع البحريني خصوصا إذا كانت الأحكام تأخذ بانتقائية». أما المادة (25) فأكدت الكتلة أنها تلغي قاعدة قانونية يستفيد منها المتهم والتي تسمى (ظروف التخفيف)، إذ يراعي القاضي فيها الظروف الاجتماعية والنفسية وسن المتهم وغيرها من الأمور للنطق بالحكم عليه، بينما حاولت هذه المادة انتزاع من القاضي سلطته التقديرية في استعمال مبدأ الرأفة أو التخفيف حسب ملابسات وبواعث ارتكاب الجرم. بينما أشارت الكتلة إلى أن المادة (29) تعطي للنيابة العامة حق احتجاز المشتبه بهم في جرائم الإرهاب 90 يوماً من غير توجيه التهمة إليهم، في حين أن قانون العقوبات البحريني في المادة (147) و(148) لا يسمح إلا بسبعة أيام أو بـ 45 يوماً بعد أخذ موافقة القاضي، ويعتبر هذا الأمر مخالفا للقوانين والأعراف الدولية التي تنص على ضرورة التعجيل بتقديم المتهم إلى القضاء أو الإفراج عنه إذا لم تكن هناك أدلة تدينه.

العدد 1231 - الأربعاء 18 يناير 2006م الموافق 18 ذي الحجة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً