على رغم أن الصراع المحتدم حالياً بين القوى السياسية العراقية سيرسم صورة المشهد في هذا البلد في المرحلة المقبلة، فإن الصراع السري الدائر حالياً بين المقاومة العراقية و«جماعة» الزرقاوي سيكون له تأثير مهم على صورة هذا المشهد. بذور هذا الصراع زرعت في مؤتمر المصالحة العراقية الذي عقد في القاهرة، هذا المؤتمر الذي اعترف بـ «المقاومة العراقية» وأدان إرهاب (الجماعة) التي وجدت نفسها فجأة قد تخسر (المظلة) التي احتمت بها والحاضنة التي آوتها الفترة الماضية. ومثلما نعترف بفشل أميركا في بعض السياسات لابد من الاعتراف هنا أنها نجحت (وهذه مفارقة) في بلورة أجندة (مقاومة وطنية) وتميزها عن أجندة (الجماعة) وهو نجاح للأميركان وضربة قاصمة (للجماعة). صفقة القاهرة حققت للأميركان 3 أهداف: الأول تأمين مشاركة السنة العرب في الانتخابات، والثاني حماية هذه الانتخابات، والثالث دق أسفين بين المقاومة والجماعة، وقد تحقق لهم ما أرادوا إذ لم تنجح الأخيرة في تنفيذ تهديدها بـ (إفساد عرس الكفر). في المقابل حصلت المقاومة على شرعية وجودها وحقها في مقاومة الاحتلال ووعود مبدئية بجدولة الانسحاب ووقف العمليات العسكرية غرب العراق مع هدايا صغيرة مثل إطلاق سراح بعض عناصر النظام السابق وبعض قيادات المقاومة ودفعات من المعتقلين العاديين. (الجماعة) ليست رقماً سهلاً بكل الأحوال، والعملية الانتحارية التي استهدفت المتطوعين من (المقاومة) في مركز شرطة الرمادي قبل أسبوع وتهديدها للحزب الإسلامي العراقي ليست سوى مقدمات لانفجار مؤجل بين الجانبين، لكنه أت لا ريب فيه. إن نجاح الكتل السياسية في تحقيق حكومة وحدة وطنية سيكون بمثابة الشرارة لاشعال فتيل الانفجار، لأن النجاح يعني نهاية قطيعة العرب السنة و«المقاومة» لأجهزة الدولة والجيش، وهو تهديد «للجماعة» وأجندتها التي لا ترى في العراق سوى مجرد محطة ترانزيت في طريق طويل.
إقرأ أيضا لـ "فاضل البدري"العدد 1229 - الإثنين 16 يناير 2006م الموافق 16 ذي الحجة 1426هـ