لا شك أن بطولة كأس العالم تعتبر أهم حدث رياضي على مستوى الكرة الأرضية لما تتمتع به من جماهيرية جارفة ومتابعة منقطعة النظير من 6 مليارات ونصف المليار من سكان هذا الكوكب. وعلى رغم كل المزايا الرياضية والجماهيرية لكأس العالم فإن لها الكثير من المزايا الأخرى التي تبدو غير ظاهرة للعيان إلا أن تأثيرها على البلد المستضيف تحديداً يفسر السباق المحموم بين مختلف دول العالم وخصوصاً الدول العظمى منها إلى استضافة هذا الحدث الفريد من نوعه. فألمانيا التي تستضيف كأس العالم المقلبة في صيف العام الجاري تنتظر تحقيق أرباح تتراوح بين 3 إلى 4 مليارات يورو على مدى شهر من تنظيم البطولة إضافة إلى خلق أكثر من 40 ألف فرصة عمل. هذا علاوة على البنية التحتية القوية التي أنجزت بالتوازي مع بناء الملاعب الرياضية والمرافق الأخرى. وبالنظر إلى الأرقام السالفة الذكر فإن ما تسعى إليه ألمانيا هو السمعة العالمية الكبيرة التي ستحققها من استضافة هذا الحدث العالمي إضافة إلى البعد السياحي المؤثر من خلال ملايين الزوار الذين سيزرون ألمانيا خلال المونديال. ألمانيا تنتظر انتعاشاً اقتصادياً كبيراً هذا الصيف يترافق مع انخفاض كبير في معدلات البطالة في هذا البلد الأوروبي الغني وكل الفضل في ذلك يعود إلى استضافة المونديال. كأس العالم الآن تمثل استثماراً اقتصادياً كبيراً إلى جانب دورها الرياضي، فالولايات المتحدة الأميركية التي كانت تمر بفترة ركود اقتصادي في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات سعت بكل قوة إلى استضافة كأس العالم العام 1994 على رغم عدم اهتمامها بكرة القدم وعدم وجود دور محلي لهذه اللعبة فيها، ثم استضافت بعدها مباشرة الألعاب الأولمبية العام 1996 ما حقق لها انتعاشاً اقتصادياً كبيراً. هذا فضلاً عن المداخيل الخيالية التي تحققها شركات النقل التلفزيوني والسوق الإعلانية الكونية التي ترافق المونديال العالمي من خلال تسابق الشركات المتعددة الجنسيات والشركات المحلية إلى رعاية مباريات المونديال ونشر إعلاناتها في وسائل الإعلام. البطولات العالمية لم تعد تقليداً رياضياً للدولة المضيفة تسعى من خلاله إلى كسب السمعة الطيبة من خلال التنظيم المتميز، وإنما تحولت إلى استثمار حقيقي يسهم في إنعاش الاقتصاد الوطني وخلق فرص العمل الجديدة، فهل تدخل الاستثمارات في رياضتنا العربية؟، وهل نستفيد شيئا من استضافة البطولات المختلفة؟
إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"العدد 1229 - الإثنين 16 يناير 2006م الموافق 16 ذي الحجة 1426هـ