الكويت هي مسقط رأسي من مواليده في السبعينات وبلدي الثاني الذي عشت وترعرعت فيه سبع سنوات من طفولتي اذ كان والداي يعملان طبيبين في مستشفى الاميري. ليس غريبا علي ان اشارك اهل الكويت حزنهم على فقيدهم الراحل سمو الامير الشيخ جابر الاحمد الصباح الذي صورته مازالت عالقة في ذاكرتي التي لم تمحها يوما بل تعلقت بها منذ ان كنت اردد نشيد الصباح الاميري لدولة الكويت في صفوف مدرسة النجاح ومن ثم في مدرسة المنصورية بالعاصمة الكويتية. الكويت كانت ومازالت واحة للديمقراطية في منطقة الخليج فقد ولدت اجيال بحرينية في منفى آبائهم في هذا البلد الذي لم يبخل عليهم يوما باحتضان هؤلاء البحرينيين الذين كانوا مطاردين من قبل جهاز امن الدولة في البحرين آنذاك وذلك بتهمة حمل افكار وطنية اعتبرت بمثابة جريمة اذ كانت تقمع حرية التفكير والعقيدة الى تكميم الافواه. كان البحرينيون يجدون في الكويت ملجأ آمنا...فهناك من قضى في منفاه الاجباري سنوات فوق ارض الكويت قلما تعرضوا لأية مضايقات من اجهزة الأمن الكويتية وكانوا يعبرون عن افكارهم وآرائهم بكل حرية واحترام متبادل مع الكويتيين اذ كانت هناك علاقات حميمية تربط بينهم بدءا من اعلى مسئول ووصولا الى المواطن العادي. وفي هذا السياق اذكر انه يوما قال لي والدي عن لقائه المتميز مع امير الكويت الراحل في اواخر السبعينات في الكويت تلك الواقعة التي مازال يكررها على مسامعي حتى اليوم اذ قدم الامير الى مستشفى الاميري في سيارة عادية يقودها بنفسه دون حرس أو موكب أمني لا ترافقه سوى احدى شقيقاته التي جاء بها لتلقي العلاج لحالة طارئة. فلما حضر والدي دون ان يبلغ حتى بوجود الامير شخصيا في غرفة الانتظار تفاجأ بالامير الذي قابله بسرور بالغ عندما علم ان الطبيب الذي سيعالج شقيقته هو طبيب بحريني اذ ابدى حفاوة ابوية أثرت على والدي الذي لمس مدى تواضع وبساطة هذا الرجل الذي لم يشعر معه بأي تكلف او حرج وكأنه يعرفه منذ سنين. وبعد تلقي العلاج لشقيقة الامير رجع بعد ساعتين ليصطحبها بنفسه في سيارة يقودها الى قصرهم في دسمان دون رجل امن واحد يرافقهم وهو امر وجده والدي نادرا ما يحدث مع القادة العرب عامة. واقعة والدي مع امير الكويت تشير الى انه لاغرابة في ان نجد مدى حب الكويتيين لهذا الرجل الذي لم يروا منه سوى كل الخير في بناء الكويت الديمقراطي، الى سخائه الكبير متمثلا في مساعداته لدول العالم الثالث التي الغى عنها تسديد الديون المتراكمة عندما تحررت الكويت من ايدى طاغية العراق صدام حسين . فهي كانت تتلقى الدعم من قبل صندوق التنمية الكويتي وذلك تكريما لوقوف المجتمع الدولي مع امير وشعب الكويت. مهما قلنا ومهما كتبنا فلن تفي الكلمات ولا هذه السطور عن امير الكويت... رحم الله سمو الشيخ جابر الاحمد الصباح واسكنه فسيح جناته.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1229 - الإثنين 16 يناير 2006م الموافق 16 ذي الحجة 1426هـ