العدد 1228 - الأحد 15 يناير 2006م الموافق 15 ذي الحجة 1426هـ

رأس المال الجريء إكسير الاقتصاد

هشام عبدالرحمن خليفة comments [at] alwasatnews.com

نسمع الكثير حديثاً عن أهمية رأس المال الجريء في تنمية الاقتصاد وتعزيز مكانته على المستوى العالمي. مقارنة بالقروض الصغيرة )المايكروكردت( التي ذكرتها سابقاً والمهتمة بتمويل المشروعات البسيطة والتي تهدف لتمكين الفئات الفقيرة في المجتمع، رأس المال الجريء )ضمَُِّّْم فِىُّفٌ( مرتكز على الاستثمار في المشروعات التي تخص مجالات التطوير العلمي والتقني، والتي لديها احتمال بأن تشيد صناعات وقطاعات جديدة ذات نمو عال. تشييد الصناعات والقطاعات الجديدة هو الذي يمكن أن يساعد في ازدهار الاقتصاد وتنويعه. ابل كمبيوتر )ءٌِِم ُ ُِِّّمْ(، تشيكفري )ومكًئْمم(، جوجل )اُُهٌم(، وياهو، )عفوُُ،(، كلها شركات مولت عن طريق رأس المال الجريء. ولا شك بأن الولايات المتحدة هي الرائدة في هذا المجال بنحو 25 مليار دولار بحسب إحصاءات 2005. ويعود ذلك لعدة أسباب، أولها كثرة مراكز التعليم العالي والجامعات التي تهتم بالأبحاث والعلوم. ثانياً، اهتمام الجهاز الحكومي وخصوصاً من الجانب العسكري في الريادة لأسباب الأمن القومي، وثالثاً نضوج الأسواق المالية من ناحية الشفافية، السيولة، والقوانين الصارمة التي تيسر الخروج وحصد الاستثمارات الجريئة عبر طرح الحصص عن طريق العروض الأولية. لكن في العشر السنوات الأخيرة، وخصوصاً بسبب تطور الإنترنت وعدم اقتصار العمالة المعلوماتية والتقنية فقط على أميركا وأوروبا، نرى وجود رأس المال الجريء في دول مثل الهند والصين )كلاهما بحوالي مليار دولار حالياً(. والسؤال هو ما إذا كانت البحرين ومنطقة الخليج جاهزتان للإقدام على النمط نفسه في تمويل المشروعات والانضمام للعالم بالعقول بدلاً من مجرد الحقول )النفطية(؟ الجواب يتطلب المصارحة من عدة جوانب. أولاً، وربما أكبر عائق لتشجيع رأس المال الجريء، هو هل يوجد لدينا من هم حقاً مفكرين على مستوى عالمي، متمكنين من تطوير أفكار جديدة ومن لديهم قدرة ريادة الأعمال؟ المعاهد والجامعات أو حتى برامج الابتعاث الحكومية تساعد في تطوير مهارات أبناء البلد، ولكن من المهم أن يتم تشجيع البحث والتطوير على شكل مستمر من قبل القطاعين العام والخاص. ويجب أن توجد حلقة وصل بين ذوي الأفكار والمستثمرين. ثانياً، الكثير من الممولين والمستثمرين في المنطقة تقليديين» مثل المصارف التجارية والاستثمارية. ونرى بأن غالبية هذه المصارف تتوخى المجازفة، اخذة استثمارات قليلة إلى متوسطة الخطورة مثل تمويل الشركات الرائدة، المشروعات الحكومية، أو السندات ذات الجودة العالية و المردود البسيط والشبه مضمون. من الواضح أن الاعتماد فقط على القطاع المصرفي لن ينفذ المطلوب من ناحية تشييع صناديق استثمار رأس المال الجريء في المنطقة. فيتوجب على الأفراد والجماعات المقتدرة بأخذ الخطوات لتحريك بعض أموالهم في هذا المجال، والتعاون مع بعض المصارف »البوتيك« الموجودة في المنطقة للمشاركة في الخطورة. هذه المصارف »البويتك« تسعى لمردود أكبر عبر الاستثمار في وامتلاك الشركات والعقارات الأجنبية، فلماذا لا تأخذ المجازفة في مسقط رأسها؟ ثالثاً، كل شخص ينظر إلى استراتيجية الخروج قبل وضع أمواله في استثمار ما. بالنسبة لا لرأس المال الجريء، فعادة لدينا خياران: العروض الأولية أو اكتساب الحصص من قبل مستثمرين آخرين في بيع مغلق. المطلوب في الخيار الأول هو وجود أسواق مالية ناضجة كما ذكر أعلاه. وفي الحالتين يتوجب وجود قوانين وإجراءات واضحة وغير مغمورة بالتعقيدات البيروقراطية. لا دولة تحتكر أو تهيمن الإبداع، المطلوب هو فقط الرغبة في المشاركة على الصعيد العالمي باحترام القدرات والمؤهلات الوطنية والاستثمار فيها. صحيح إن المجازفة كبيرة» فغالبية استثمار رأس المال الجريء يفشل، ولكن من الذي ينجح، يغطي خسارة الباقي. كأي استثمار اخر، هنا ننظر لرأس المال الجريء كمحفظة استثمار في عدد من المشروعات: بعضها يفشل وبعضها

العدد 1228 - الأحد 15 يناير 2006م الموافق 15 ذي الحجة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً