نحن بحرينيون... نحن قوم طيبون... وإذا أصابتنا مصيبة قلنا: إنا لله وإنا إليه راجعون... نحن بحرينيون، شعب واحد ومتماسكون... نتبادل الآراء... نختلف في الرأي... نتناقش... ولكن عند الشدائد، نحن متعاونون...
الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية... نختلف؟... نعم، ولكن لا يتحول الاختلاف إلى خلاف... الاختلاف هو من صفاتنا... ولكنه اختلاف في الصالح العام، فكل يرى حلاً لأية مشكلة من مشكلاتنا من وجهة نظره، ويقترح لها الحل الذي يعتقد أنه صائب... قد تكون الحلول مختلفة، ولكننا نتناقش حتى نصل إلى الحل المرضي... نتناقش فقط، بدون خلاف وزعل... لأننا بحرينيون... وبالطيبة مشهورون... لدينا عدة أديان، ولدينا عدة كنائس ومعابد... مثلما لدينا الكثير من المساجد والمآتم... دين البلد هو الإسلام، ولكننا لا ننكر الأديان الأخري... لدينا عدة ملل واتجاهات... السني يحترم الشيعي، والشيعي يحترم السني، وهم مجتمعون كمسلمين يحترمون الأديان الأخري الموجودة كنائسها ومعابدها في البحرين... هم يحترموننا، ونحن نحترمهم ونقدرهم... لأننا بحرينيون... ومع الحق سائرون... لدينا عدة اتجاهات فكرية وأيديولوجية... ولدينا الكثير من الأحزاب... وأحزابنا مصرح لها جميعاً فتعمل في النور، ولا يوجد بينها من يعمل في الظلام... لأنها جميعاً تعمل لصالح البحرين... اختلاف في الرأي ؟ نعم... ولكنه اختلاف من النوع المحبب والإيجابي بسبب أن الجميع يعمل في صالح البحرين... وهم بحرينيون ولوطنهم مخلصون...
لدينا المستقلون بفكرهم... لدينا الأخوان المسلمون بلحاهم الخفيفة... لدينا السلفيون بلحاهم الكثيفة... لدينا القوميون بلباس الستينات... لدينا الشيوعيون بشعورهم وشنباتهم البيضاء... لدينا البعثيون بنظاراتهم السميكة... لدينا كل هذا الخليط من الأيديولوجيات التي تريد صالح البلاد... لأنهم في البداية وفي النهاية... هم بحرينيون...
هذه ليست خواطر، ولكنها حقائق لمستها وشاهدتها بنفسي... وأنا من طبعي أذهب لجميع الأماكن والمجالس والأندية، وأحظر الندوات وأستمع للآراء المختلفة... وأشاهد الفلسفات المتنوعة... تختلف عن الخط الرسمي أحياناً، وتتفق معه أحياناً... تزعل وتزبد أحياناً، وترضى وتمدح أحياناً... ولكنهم وفي جميع الأحوال عند المآسي والملمات تجدهم جميعاً يواسون بعضهم بعضا... لأنهم قوم طيبون...
وعلى مدار الثلاثين يوماً الماضية حظرت الكثير من مجالس تقبل العزاء... بعضها لأقارب لي، فيأتيني الناس معزين، وبعضها لأناس أعرفهم فأذهب إليهم معزيا... وما شاهدته يستحق التسجيل... فجميع البحرينيين يحضرون معزين، والكل يأتي لمواساة الحزين ويقفون معه... لا أديان تفرقهم، ولا طائفة تفرقهم، ولا أحزاب تفرقهم، ولا أيديولوجيات تفرقهم... هم متماسكون ومتحابون... في الأعياد يسلمون... وفي المصائب موجودون... فقط لأنهم بحرينيون... وعلى قلب واحد دائماً يعيشون... يختلفون، ولكنهم في النهاية... هم قوم طيبون.
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1227 - السبت 14 يناير 2006م الموافق 14 ذي الحجة 1426هـ