أخذ الملف النووي الإيراني مسارا ومنحى مخالفا عما كان عليه قبل أيام، فمع إعلان إيران استئناف أبحاثها النووية وتخصيب اليورانيوم في منشأة نطنز وإزالة الأختام الموضوعة على بعض المنشآت النووية صعّدت الدول الغربية من لهجتها المعهودة وشددت على إحالة الملف النووي إلى مجلس الأمن بغية فرض عقوبات اقتصادية. الترويكا الأوروبية من جانبها أخذت موقفاً مغايراً عما سبق فبعدما كانت تشدد على المنهج الدبلوماسي واستبعاد توجيه ضربة عسكرية أشهرت رأيها الموحد على دعوة مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى عقد اجتماع طارئ لدراسة تداعيات الخطوة الإيرانية التي وصفت بـ «الأحادية» في أقرب وقت (في غضون نهاية يناير/ كانون الثاني الجاري أو مطلع فبراير/شباط المقبل). الدول الغربية من جهتها كثفت من مفاوضاتها الماراثونية بغية احتواء الموقف الإيراني الأحادي، إذ تعتزم الترويكا غدا (الاثنين) عقد اجتماع مع ممثلين من روسيا وأميركا والصين لبلورة موقف موحد تجاه الخطوة الإيرانية ومخاوف إنتاجها قنبلة نووية تصل إلى عمق الأراضي الإسرائيلية. إيران على رغم الضجة الغربية لم تعر أي اهتمام بل ظلت ثابتة على موقفها اشد من ذي قبل، وهذا ما أكده الرئيس الإيراني نفسه محمود احمدي نجاد عن عدم تراجع بلاده من مسألة التخصيب قيد أنملة. التجاذبات بشأن الملف النووي الإيراني وصلت إلى نقطة اللاعودة في قرارات الكفتين (الغرب وإيران)، ولكن إلى أين تبلغ تلك النقطة في هذا التجاذب؟ هل إلى النقطة التي وقف عندها آنذاك الملف العراقي ومسألة فرض العقوبات من عدمه وما آلت إليه النتيجة النهاية من تحضير عسكري انجلو أميركي على العراق مطلع العام 2003؟ إذاً فلننتظر ونرى ما تؤول إليه الجهود الأوروبية مع الثلاثي الروسي ­ الصيني ­ الأميركي لتقرير مصير الأزمة الإيرانية التي تنعكس حينها على مجريات إقليمية شتى بدءا من القضية الفلسطينية وانتهاء بمشروع «الشرق الأوسط الكبير» الأميركي