يتأمل مقال اليوم مسألة التجاوزات المسجلة في تقرير ديوان الرقابة المالية للعام ضد شئون الطيران المدني. المعروف أن «الشئون» جهة حكومية منوطة بها أعمال الطيران المدني في المملكة، وبالتالي فهي مسئولة عن إدارة المطار والملاحة الجوية وغيرهما. باختصار، تتمثل أخطاء «الشئون» في عدم تحصيل أموال تابعة للخزانة، فضلاً عن منح إعفاءات وتخفيضات بطريقة غير منتظمة.
أشار التقرير إلى قيام شئون الطيران المدني بتأجيل تحصيل مبالغ مستحقة على بعض شركات الطيران والخدمات والتي بدورها تستخدم مطار البحرين الدولي. فقد بلغ حجم الإيرادات غير المحصّلة نحو مليون دينار في العام ، ويمثل هذا الرقم في المئة من أصل مليون دينار هي أموال حكومية غير محصلة. وقد أشار التقرير إلى موافقة شئون الطيران المدني وبشكل شفهي على قرار صادر من قبل شركة طيران الخليج بتأجيل تحصيل مبالغ مستحقة تفوق ملايين دينار إلى العام . لكن لم يتم إبرام اتفاق رسمي بين الطرفين فيما يخص التفاصيل. وقد طالب «ديوان الرقابة» بضرورة إبرام اتفاق رسمي يحدد مواعيد دفع الأموال المستحقة. المؤكد أنه ليس من الصواب ترك أموال تابعة للخزانة في مهب الريح.
إلى جانب شركة طيران الخليج، سجل التقرير ديوناً مستحقة بلغت ألف دينار على شركة «فورشن بروموسفن» المتخصصة في أعمال التسويق. كما بلغت الديون المستحقة على شركة البحرين لمواقف السيارات نحو ألف دينار. كما أن هناك أموالاً مستحقة على كل من الطيران السعودي والطيران الهندي: ألف دينار و آلاف دينار على التوالي.
بحسب القوانين المعمول بها في البلاد، يحق لسلطات الطيران المدني إعفاء أي طائرة من الرسوم، لكن لوحظ أنه تم منح إعفاءات لطائرات بناء على قرارات صادرة من قبل وكيل الوزارة لشئون الطيران المدني. وتكمن المشكلة في عدم وجود أسس واضحة يمكن الاعتماد عليها بخصوص استحقاق العملاء سواء للإعفاء أو التخفيض. وفي هذا الصدد لابد من التأكيد على ضخامة مبلغ الإعفاءات، إذ بلغ نحو خمسة ملايين ونصف المليون دينار في العام . وقد حصلت القوات الحربية الأميركية على النصيب الأكبر من هذه الإعفاءات (, ملايين دينار). وجاءت شركة طيران الخليج في المرتبة الثانية ( ألف دينار) ثم الطيران السعودي ( ألف دينار) والطيران القطري ( آلاف دينار). حقيقة، لا يوجد تفسير منطقي لمسألة منح إعفاءات للطيران السعودي والقطري، إلاّ إذا كان ذلك يعود لحثها على مواصلة خدمة مطار البحرين، في ظل وجود منافسة إقليمية.
فضلاً عن الإعفاءات الممنوحة، سجل التقرير قيام شئون الطيران المدني بمنح بعض التخفيضات. على سبيل المثال: يتم منح تخفيضات قدرها في المئة على رسوم الهبوط والوقوف والعبور على شركات الشحن. أيضاً لا تدفع شركة طيران الخليج رسوماً لوقوف طائراتها في المطار. كما تحصل كل من الطيران السعودي والطيران القطري على تخفيضات خاصة على رسوم الهبوط والعبور، بحجة أن المجال الجوي للبحرين يمتد من العاصمة القطرية الدوحة حتى مدينة الظهران بالسعودية. ولاحظ التقرير أن عمليات منح التخفيضات لا تستند إلى أسس محدّدة ومكتوبة.
يبدو جلياً من الحديث المشار إليه سلفاً، أن شئون الطيران المدني تعاني من أزمة إدارية بحاجة إلى مواجهة صريحة من قبل الحكومة. ولا يمكن ترك الأمور من دون حل نظراً إلى أهمية المسألة، إذ إن شئون الطيران المدني تدير مطار البحرين الدولي.
مقال يوم الاثنين يتأمل تجاوزات الأوقاف الجعفرية والسنية وأموال القاصرين كما جاء في تقرير ديوان الرقابة المالية
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1224 - الأربعاء 11 يناير 2006م الموافق 11 ذي الحجة 1426هـ