العدد 1223 - الثلثاء 10 يناير 2006م الموافق 10 ذي الحجة 1426هـ

«ألف وردة»... في العيد أهدي إليكم...

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

انتهى مليونان ونصف المليون حاجٍ أمس من أهم مناسك الحج، ونحروا بُدنَهم وحلقوا أو قصّروا شعورهم، وبقيت عليهم مناسك أخرى. وما هي إلاّ أيام حتى يعود الأحباب إلى منازلهم الموزعة في مشارق الأرض ومغاربها.

في تلك الديار الطاهرة، جاءت الملايين المسلمة استجابةً لدعوة أبينا إبراهيم الخليل (ع)، ليشهدوا منافع لهم، أعظمها الفوز بالمغفرة والرضوان. جاءوا لإحياء سنة أبي الانبياء، الذي هاجر بأهله قبل خمسة آلاف عام، من فلسطين، أرض السمن والعسل، إلى صحراء قاحلة في الجنوب البعيد، لينزلهم بوادٍ غير ذي زرع... فيتركهم هناك سنين، ويعود إليهم بعد أن يشبّ الطفل غلاماً، ليشاركه في بناء «بيت الله». وعند اكتمال بناء الكعبة المشرفة، يرفع يديه بالدعاء الخالد الذي يذوب حناناً وعذوبةً ورقّةً نبويةً من فيض السماء: «واجعل أفئدةً من الناس تهوي إليهم، وارزقهم من الثمرات»... وليتردّد صدى ذلك النداء عبر القرون. بذور حضارةٍ بذرها إبراهيم (ع) في الصحراء، قامت حول بئر ماء، وبيت من بيوت الله، ودعوةٌ لتوحيد خالق السموات والأرض، الذي أسرج النجوم وأنزل المطر لتحيا به الخلائق أجمعين.

وهكذا استجابت الأمم للنداء عبر القرون، فكان كل قرنٍ يرسل أبناءه إلى ذلك الوادي البعيد، فكانوا يأتون سعياً من أقاصي الأرض. فالمسافة التي نقطعها اليوم من البحرين إلى «قرن المنازل» في أربع عشرة ساعة، كانوا يقطعونها في أربعة عشر يوماً. والمسافة التي نقطعها بالسيارة بين مكة والمدينة لزيارة الرسول (ص) في أقل من خمس ساعات، كانوا يقطعونها على الجمل في اكثر من خمسة أيام. نعمُ اللهِ علينا كثيرةٌ نحن أبناء هذا العصر «التكنولوجي»، ولكن كثرت الغفلة وقلّ الشاكرون.

ومن النعم المتجدّدة، ما منحنا إياه العصر من وسائل اتصال تكنولوجية حديثة، أتاحت لنا تبادل التهاني مع الأحباب، ليس في الوطن فحسب، بل مع المغتربين والمهاجرين والمسافرين و... حتى الحجاج. وعندما يتأمل كلٌّ منا في الرسائل الهاتفية التي تتدفق على هاتفه، سيكتشف لكل رسالة لوناً خاصاً. أولّ ما وصلني بالمناسبة، رسالةٌ من الزميل علي القطان، فاستنتجت منها انه من حجاج هذا العام: «أدعو الله أن يقدّر لكم حجّ بيته الحرام العام المقبل». تلاه صديق جديد: «هناك أناسٌ يضعون بصماتهم الرائعة داخل قلوبنا، ويخلّدون فينا ذكريات لا تمحى أبداً، نهفو إلى صحبتهم، ليحفظهم الله وليحفظ الود بيننا». تلاه «مسج شعر شعبي»: «وانا اتقدم بالتهاني مع العيد... للي لهم في العيد سلم وعوايد». ثم أربع مسجات تحمل التبريكات من زملاء مهنة، آخرها الزميل البنخليل، حملت صورة قلمٍ إلى جوار عبارة «عيدكم مبارك»، ثم مسجات من عضوٍ ناشطٍ بجمعيةٍ سياسيةٍ كبرى، ثمّ رئيسُ جمعيةٍ فنيةٍ يقول فيها: «أسأل الله العظيم لك حياة سعيدة وعيشة رغيدة وأن يعطيك كل ما تريده»، آمين!

الرسالة التالية من قارئ يعلّق على مقال الأمس الناقد لنواب المجلس، يقول: «هذه أجمل وأثمن عيدية قدّمتها للنواب، فقد أنصفتهم فعلاً»! تلاه مسجات من باحث اقتصادي ومحاضر بالجامعة، ورئيس جمعية الصم والبكم، وطبيب بوزارة الصحة، وصاحب وكالة سفريات، وأحد أعضاء الجمعية البحرينية لحقوق الانسان، ورسام كاريكاتير، وكاتبة زميلة أرسلت بمسجها من إحدى قرى الهند، إذ تزورها هذه الأيام. أما آخر المسجات فقد كان نقطة ماء عذبة، حطت في هاتفي أثناء كتابة هذا المقال، من أستاذ إدارة الموارد المائية، بجامعة الخليج العربي الباحث وليد زباري: «عيدكم مبارك» إلى جانب صورة وردتين جميلتين.

لكل هؤلاء، ولغير هؤلاء من القرّاء الكرام، ولعموم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وبالخصوص لأحبابنا في فلسطين ولبنان، أهديهم ألف وردة، وألف قبلة، ولا أملك غير أن أقول: عيدكم مبارك، أعاده الله عليكم جميعاً بالخير والبركات

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1223 - الثلثاء 10 يناير 2006م الموافق 10 ذي الحجة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً