شهدت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية في الأيام القليلة الماضية تنافساً محموماً لأول انتخابات وفق الهيكلية الحزبية الجديدة، إذ تنافس المترشحون لشغل أدوار في كل من الغرف الثلاث في إدارة الوفاق سواء من خلال شورى الوفاق يتنافس المترشحون على شغل ثلاثين مقعداً فيه، سواء اذ كان الترشح من خلال القوائم الانتخابية والتي أعلنت ثلاث قوائم منها، وهي بالشكل الآتي: قائمة الائتلاف الوفاقي وقائمة الوفاق للجميع وقائمة الوفاء والبناء، أو من خلال الترشح المستقل، أو من خلال لجنة الضبط والتحكيم التي يتنافس عليها خمسة مترشحين، أو هذا ما سيتم خلال الانتخابات في ( يناير/ كانون الثاني ).
الأمانة العامة للجمعية التي تتشكل من () ، سيتم اختيارهم بالتعيين من قبل الأمين العام للجمعية بتاريخ يناير .
ولو أردنا أن نقرب المفاهيم المتعلقة بالغرف الثلاث الخاصة بهيكلية الوفاق الجديدة، لشبَّهنا الأمانة العامة للوفاق بمثابة الحكومة، أي السلطة التنفيذية، فكل عضو في الأمانة العامة بمثابة وزير، ولجنة الضبط والتحكيم بمثابة السلطة القضائية، أي أن كل عضو في لجنة الضبط والتحكيم بمثابة قاض، وشورى الوفاق بمثابة السلطة التشريعية، أي ان كل عضو في شورى الوفاق بمثابة النائب. لذلك من الواجب على الناخبين في اجتماع الجمعية العمومية أن يختاروا أعضاء شورى الوفاق بحرص شديد، لأن دورهم لا يقل أهمية عن دور نواب الشعب، فهم بطبيعة الحال يقومون بالدور نفسه، ولكن دورهم ينحصر في تيار الوفاق، فهم يقومون بدور الرقابة والتشريع للتيار.
كذلك الحال بالنسبة إلى دور لجنة الضبط والتحكيم، إذ سيكون على رأس مهماتها وأدوارها فصل النزاعات والتحكيم بين الأعضاء، وبالتالي لابد من توافر معيار النزاهة والأمانة والقدرة على التحكيم بين المتنازعين. أما أعضاء الأمانة العامة فسيتم تعيينهم من قبل الأمين العام، كما سيقوم الأمين العام بطرح برنامجه.
الانتخابات المقبلة للجمعية ستعطي الجمعية صورة جديدة للعمل الحزبي الجديد، فالعمل في الوقت الراهن ينصب بشكل أساس على أحد عشر عضواً فقط هم أعضاء مجلس إدارة الجمعية، ولدى كل واحد منهم مسئولية دائرة تتكون من مجموعة من اللجان، ولكن الهيكلية الحزبية الجديدة ستعطي المجال أمام أكبر عدد ممكن من كوادر الجمعية العاملين على تفعيل أدوارهم بشكل يتناسب مع حجم الجمعية وإمكاناتها الحقيقية، بحيث تتكون الهيكلية بشكل رئيسي من عضواً من قيادات الوفاق، إلى جانب تحمل البعض مسئوليات رئاسة اللجان من خارج نطاق الـ () عضواً، وبالتالي سيكون هناك فرصة حقيقية لتوظيف الأدوار والتفعيل الحقيقي للطاقات.
القوائم الانتخابية للجمعية أعطت الانتخابات حراكاً ملموساً، فكل قائمة من القوائم الثلاث التي أعلنت نفسها طرحت برنامجها الانتخابي وتحدثت عن ثوابتها وأهدافها، وعن برنامج تحركاتها، وعن الأسماء المشاركة في الانتخابات المقبلة، عبر مؤتمر صحافي خاص بها في مقر الجمعية. واستطاعت أن تنشط العملية الانتخابية، إلى أن وصل عدد الراغبين في الترشح لشورى الوفاق مترشحاً، يتنافسون على مقعداً، أي أن حوالي نصف عدد المترشحين سيخرجون من العملية الانتخابية صفر اليدين. ولكن من المرتقب أن يكون لهم دور فاعل من خلال اللجان، بل ان المراقب للعمليات الانتخابية من الخارج يعتقد أن هناك توتراً بين القوائم الانتخابية، ولكن القريب جداً من القوائم ومن المستقلين الراغبين في خوض غمار المعركة الانتخابية كمستقلين، يرون أن هناك علاقات حميمة تجمع جميع أفراد القوائم، بل ان خيار التنسيق بين القوائم وبين المستقلين خيار مطروح، بحيث يمكنهم تحقيق هدف واحد وهو مصلحة الوفاق فوق كل اعتبار. وبالتالي لابد من النظر بشكل واضح إلى أهم معيارين يجب أن يؤخذا في الاعتبار، وهما معيار الكفاءة والإخلاص للجمعية، ولا سيما أن شورى الوفاق من أهم مهماتها الرقابة والتشريع، وخصوصاً أن نظام الانتخاب في الجمعية سيكون من خلال أفراد وليس من خلال قوائم انتخابية، وبالتالي فكرة أن تسود قائمة على أخرى أو أن إحدى القوائم تسيطر على مقاعد الشورى غير صحيحة بدرجة كبيرة، لأن الناخب سيصوت للأكفأ بغض النظر عن القائمة التي ينتمي إليها، أو البرنامج الانتخابي الذي يتبناه، ولو أنه هكذا فإنه لا فائدة ترجى من مترشح مستقل، بل ان البعض رشح نفسه مستقلاً على اعتبار كون حظوظه في العملية الانتخابية كبيرة، وبالتالي لا فائدة ترجى من وجود في إحدى القوائم الانتخابية.
وفي عدد «الوسط» () الصادر بتاريخ ديسمبر/ كانون الأول ، كشف رئيس جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان أن الشيخ عيسى أحمد قاسم لا يعارض فكرة الدخول في قوائم لخوض انتخابات شورى الوفاق، موضحاً أن الشيخ لا يعارض فكرة القوائم، لكنه أبدى بعض الملاحظات خوفاً من أن يسبب الدخول في القوائم بعض الحساسيات، مشيراً إلى أن رأيه لا يختلف عن رأي الشيخ عيسى أحمد قاسم. كما أن التحرك ضمن قوائم يساعد على حفز الحراك السياسي، وإن شاء الله الحساسيات التي نخاف شرها لا تكون موجودة بيننا، فكلنا حريصون كل الحرص على مصلحة الوفاق وعلى مستقبلها السياسي، وبالتالي نأمل أن يتحقق الحراك السياسي الذي نطمح إليه من خلال القوائم الانتخابية، من دون آثار سلبية تذكر سواء على مسيرة الجمعية أو على نفسية المترشحين. وعلينا أن نتقبل الرأي والرأي الآخر، وأن نتحلى بروح رياضية تعيننا على مواجهة العمليات الانتخابية بروح تتمتع بالقوة والإيثار لا الانهزامية.
المرأة أيضاً كان لها دور فاعل في الحراك السياسي الذي تشهده الوفاق في الانتخابات المقبلة، إذ بلغ عدد الراغبات في الترشح () مترشحات لشورى الوفاق، وكنا نأمل أن نجد امرأة ترغب في ترشيح نفسها للجنة التحكيم والضبط، إلا أن ذلك لم يحصل ونأمل أن يكون لها نصيب في شغل منصب في الأمانة العامة، حتى لا يعد ذلك تراجعاً في الوجود والاصطفاف النسوي في الجمعية. كما لا بد أن تعطى المرأة فرصتها في الاستفادة والإفادة من تجربة وجودها في الأمانة العامة والزخم الذي ستحصل عليه جراء تبادل الخبرات في الشأن العام
إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"العدد 1223 - الثلثاء 10 يناير 2006م الموافق 10 ذي الحجة 1426هـ