بدأ مؤخراً عرض فيلم سيرة نارنيا The Chronicles of Narnia, The Lion, The Witch and The Wardrobe. الذي يعد واحداً من أضخم الإنتاجات التي قدمتها نيوزيلندا على الإطلاق، كما انه يقدم أكبر عرض سينمائي للمخلوقات الخيالية التي صممها البارع الشهير هوارد بيرجر، والي يصل عددها الى مخلوقاً.
قصته مأخوذة من رواية للكاتب الشهير سي اس لويس صدرت في العام تحت العنوان نفسه. وقد تم تصوير مشاهده الخارجية في غابة صنوبر مغطاة بقشرة رقيقة من الثلج، تقع في أحد المنتزهات النيوزيلندية الشهيرة.
في هذه الغابة تجري أحداث الفيلم، وتدور فيه مغامرات مثيرة أبطالها أشقاء هم بيتر (ويليام موسيلي)، وسوزان (آنا بوبيلويل)، وايدموند (سكاندر كينيز)، ولوسي (جورجي هينلي). يكتشفون أن مصيرهم متوقف على إنهاء الحكم الثلجي للساحرة البيضاء الشريرة (تيلدا سوينتون) المسيطرة على حكم مملكة نارنيا السحرية، وهو العالم الذي دخلوه من وراء خزانتهم.
مخرج الفيلم النيوزيلندي أندرو آدمسون يعتقد أن كثيراً من المشاهدين سيقارنون بين فيلمه هذا وفيلم صديقه النيوزيلندي بيتر جاكسون Lord of the Rings (سيد الخواتم). وهو يرى أنه «بكل وضوح هناك بعض التشابهات في المحيط الذي تدور فيه الحوادث، وكذلك في مواقع التصوير النيوزيلندية، عدا عن الخلفيات الساحرة لبعض المشاهد».
إضافة الى ذلك فإن مخرجي الفيلمين نيوزيلنديين، كما ان شركة ويتا هي من قامت بعمل المؤثرات الخاصة في كلا الفيلمين. كاتبي العملين جي ار ار تولكين، وسي اس لويس أيضاً كلاهما كاتبان نيوزيلنديان معاصران.
لكن بعيداً عن كل التشابهات لا يزال الفيلمان مختلفين «في تفاصيل قصتيهما، فهذه القصة تتحدث عن أطفال حقيقيين في عالم حقيقي ينتقلون إلى أرض خيالية، وهي قصة تناقش الروابط العائلية والتنافس بين الأخوان والأخوات والتسامح وكل تلك القضايا والأمور التي تحدث في كل العوائل».
شركة ويتا وضعت قضية التشابه والاختلاف هذه نصب عينيها، فركزت على اختيار مواقع تصوير مختلفة تماماً عن تلك التي تم فيها تصوير «سيد الخواتم»، بل ولا تمت لها بأية صلة أو شبه. لهذا توجب على أحد منتجي الفيلم وهو مارك جونسون عمل مسح للبلد بأكملها مستخدما طائرة صغيرة باحثاً عن أية مواقع لم يستخدمها بيتر جاكسون في فيلمه، أو تلك التي لا تشبهها.
كذلك استخدمت الشركة اسلوباً مختلفاً لعمل المؤثرات البصرية الخاصة، لتقديم مشاهد تتناسب مع رؤية مخرج هذا الفيلم وكاتب قصته، وهي المختلفة تماما عن رؤية بيتر. يقول مسئول المؤثرات الخاصة في مملكة نارنيا دين رايت «أعلم أن بيتر كان يرغب في خلق عالم رملي في «سيد الخواتم»، لكن اندرو يريد هنا فيلماً تدور أحداثه في عالم حقيقي ويرغب في التركيز على الجانب الرومانسي».
أما مخرج الفيلم اندرو آدمسون فقد واجه صعوبة مختلفة تماماً، فهو وإن كان قد قدم فيلم الأنيمي الشهير Shrek بجزئيه، إلا أنه الآن أمام تجربة مختلفة تماما، ففي فيلم الانيمي «كان عليّ أن أركز على ممثل واحد في كل مشهد، أما هنا فلدي الأطفال الأربعة وبعض الراشدين اضافة الى شخصاً يرتدون أقنعة مطاطية، ويتراكضون في خلفية المشاهد».
ويواصل «حاولت تجنب أن أمر بتجربة كهذه لكنني لم أفلح، وبصراحة، بعد انتهائي من عمل فيلمي «شريك» التقنيين، تمنيت أن أعمل على شيء مختلف، كجزء ثان مثلاً لفيلم My Dinner with Andre أو أي عمل رومانسي آخر، لكن الفرصة لم تسنح لي أبداً».
شغف آدمسون بالأفلام التقنية ونجاحه الهائل في تقديم اثنين من اشهرها هما ما أثار اعجاب الشركة المنتجة بعمله، لتقرر، على الأخص بعد نجاح التقنية في تقديم فيلمي هاري بوتر، وسيد الخواتم، بشكل رائع، أن تحول هذه القصة الرمزية الرائعة إلى الشاشة الكبيرة.
يقول آدمسون «حتى قبل أعوام من الآن لم يكن ممكن صنع مجسم حي وناطق ورائع للأسد أسلان كما تم في الفيلم» وبعيداً عن الانتقال من الانيمي الى أفلام الخيال، واجهت آدمسون صعوبة أخرى، تمثلت في عدم قدرته على تحديد ما يضمن من تفاصيل الرواية في فيلمه وما لا يضمن.
كان ذلك محل سؤال وشك من جانبه، ما اضطره اللجوء الى بيتر جاكسون للاستفادة من خبرته في نقل «سيد الخواتم»، الرواية المشابهة الى حد ما. جاكسون أخبره أن كل ما يهم هو تقديم عمل جيد، واختيار التفاصيل التي تضمن ذلك، لكن آدمسون وجد نفسه أمام عمل مختلف تماما عن رواية والكين.
علم آدمسون أن بيتر كان محظوظا لأن أسلوب تولكين يعتمد الغوص في التفاصيل بل وتقديم بعض المشاهد مرسومة بكل دقة، أما لويس فلم يكن يحب التفاصيل بل كان يكتفي بإعطاء صورة عامة وإطار واسع يترك فيه العنان لمخيلة ناقل القصة ومخرجها للاهتمام بكل التفاصيل.
هكذا كان واجب على آدمسون اضافة الكثير من التفاصيل واستيحاءها من الخيال، مثال على ذلك المشهد الافتتاحي للفيلم الذي يبدأ بقصف لمدينة لندن، وهو مشهد حركة مروع تلاحق فيه ذئاب الساحرة الأطفال الأربعة فوق نهر متجمد يوشك سطحه على الذوبان. هذه المعركة المثيرة لم يتطرق لويس لكل تفاصيلها بل إن سرده لها لم يتجاوز الصفحتين، في حين طال مشهد آدمسون ليصل الى دقيقة وليشابه الى حد كبير بعضاً من مشاهد الحروب الواردة في الجزء الثالث من «سيد الخواتم».
أخيراً فإن هذه القصة ليست سوى واحدة من قصص أخرى كتبها لويس تتبع السلسلة نفسها. لذا تأمل شركة ديزني بالتعاون مع شركة والدين ميديا للإنتاج أن تقدما معاً السلسلة بأكملها في أجزاء مختلفة، وقد تم بالفعل الانتهاء من تحويل القصة الثانية Prince Caspian الى سيناريو لفيلم ثان من هذه السلسلة، لكن آدمسون لا يبدو وكأنه يرغب في اخراجه، فهو يقول «من الصعب على أن أفكر الآن واقرر، أنا أريد أن ينجح هذا الجزء وحسب».
ثم يواصل «لكنني قلت هذا الكلام بعد الانتهاء من الجزء الأول من شريك، وعلى رغم ذلك قدمت الجزء الثاني منه. من الصعب ألا تعود لعمل بدأته، إذ إنك ترتبط بالشخصيات وبالقصة وتقع في حبهما. ولذلك فإنني في هذه المرة ولأنني عملت مع الأطفال فإنني أشعر بمسئولية تجاه العمل كما يصعب عليّ تخيل مخرج آخر يقدمه»
العدد 1223 - الثلثاء 10 يناير 2006م الموافق 10 ذي الحجة 1426هـ