العدد 1222 - الإثنين 09 يناير 2006م الموافق 09 ذي الحجة 1426هـ

في عيد الأضحى... «مبروك» للبرلمان العزيز!

ارفعوا قبعاتكم للنواب الكرام

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في عيد الأضحى المبارك، لم أجد من هو أحق بالتهنئة من البرلمان، الذي يتحفنا قبل كل عيدٍ بداهيةٍ جديدة! وقد آلى على نفسه إلاّ أن يتحفنا في هذا العيد بأعظم «انجاز» سيذكره له التاريخ طويلاً، ألا وهو قانون العقوبات الرجعي المتطرف!

شهر رمضان المبارك، ابتدأه البرلمان بمناقشة قانون «التجمعات» وأنهاه أحد أعضائه باقتراح الـ 50 ألف دينار، وفيللا و«خادمة فلبينية» للاعبين! أما هذا العيد فقد أراد البرلمان أن يمتّعنا بقانون قمعي جديد!

ولأن من أقرّوه كانوا يشعرون بنوع من الخطيئة في دواخلهم، ولأن الخطيئة تستدعي الدفاع المستميت، فقد حاول أحدهم الدفاع عن هذا القانون الرجعي، على طريقة البيزنطيين: ألا تفهمون الفرق بين «النقد» و«الاهانة»؟ كأن صحافيي هذا البلد ليسوا عرباً أقحاحاً، وكأن العربية تعلّمناها بعدما بلغنا العشرين، ليفتح لنا باب الفتنة «اللغوية» من أوسع الابواب. فمن ذا الذي يمتلك «صلاحية» الحكم على نوايا الصحافيين؟ ومن الذي يمكنه أن يفرّق بين الانتقاد والإهانة؟ ومن يستطيع أن «يفتي» بأن هذا الكاتب أراد أن ينتقد نائباً أو يهينه؟ وكيف يحقّ للبرلمان أن يضع نفسه في منصة الإدعاء العام؟ وهل رأيتم في حياتكم برلماناً ينصّب نفسه حَكَماً وقاضياً ومتقاضياً في الوقت نفسه؟ وإذا كان الجسم الصحافي رفض الوضعية العوجاء في جمعية الصحافيين منذ ثلاثة أعوام، وآثر التفكّك على خيار الخضوع للواقع الباطل، فهل يتخيّل النواب أن الصحافيين سيقبلون بهذا الاعوجاج القانوني الجديد؟

قبل عام، نشرت «الوسط» مانشيتاً عريضاً عن انجازات البرلمان: «القوانين = صفراً»، وقامت قيامة المجلس ولم تقعد. فماذا سيفعل البرلمان لو نشر مانشيت مماثل الآن، هل سيعتبره قراءةً تحليليةً أو نقداً أم إهانة؟

وحينما كتب أحد الزملاء مقالاً تحليلياً عن إحدى «الكتل»، وذكر «أنهم حكوميون أكثر من الحكومة»، قامت قيامة هذه «الكتلة»، وأوجعوا رأسه من الاتصالات والتقريع والتوبيخ، كأنه ارتكب أكبر المعاصي والذنوب! وحينما نقلتُ عنه وصفه لهم بأنهم «مشدخين» «زعلوا وبوّزوا» عليه من جديد!

برلمانات الدنيا تعمل على سنّ القوانين التي تحافظ على المال العام، والثروة العامة للوطن، والدفاع عن حقوق الناس، وحماية مصالح الشعب، أما البرلمان الذي يعجز طوال ثلاثة أعوام عن إقرار قانون واحد في مصلحة الشعب، ويريد أن يداري عجزه ويستر ضعفه، فإنه يلجأ إلى حماية نفسه من النقد، ويموّه الحقائق، ويتلاعب بالكلمات، ويتفلسف في خلط النقد بالاهانة، ظناً منه أنه حصل على الحلّ السحري لإسكات الصحافيين عن طريق التهديد بالقمع والسجون. أهذا كل ما تمخض عنه هذا المجلس العزيز؟

ما نفهمه أن هذا القانون الرجعي المتخلف، إنما مرّروه للدفاع عن ضعفهم وعجزهم، وللتغطية على قصورهم عن خدمة الشعب وحماية حقوقه وثروته العامة. ولو أجرينا جردةً «نقديةً» سريعة، فلن تكون في صالحهم، بعد أن حوّلوا المجلس إلى ساحة مغانم يأخذونها، بدءًا من السيارة (كأنهم كانوا يركبون دراجات نارية من قبل) وعلاوة المكتب التي لم يفتحوا بها مكاتب، والقتال الشرس لإقرار الراتب التقاعدي، حتى نسبة 80 في المئة لم تعجبهم! وعندما تصدّت لهم الصحافة وانتقدتهم على هذا التكالب المخجل على المال العام «السائب» رفعوا عقيرتهم بالاحتجاج!

على أن الخبر الخطير الذي لم يتوقف عنده الكثيرون، هو الاقتراح برغبةٍ «شديدةٍ جداً»، بإصدار ورقةٍ نقديةٍ جديدةٍ من فئة 50 ديناراً، بعد أن زادت حسابات الجماعة في المصارف، فلم يعد من اللائق أن يحملوا في جيوبهم فئة الدينار والخمسة دنانير. والاقتراح أحبطته مؤسسة نقد البحرين والحمد لله، لما يتطلبه من خصائص أمنية متطورة تحسّباً من التزوير، ولصعوبة تداوله بين الجمهور، فضلاً عمّا يعطيه ذلك من إيحاء سلبي بوجود تضخّم في السوق، كما قالت المؤسسة. فالموجود إذاً اقتراحات «برغباتٍ شخصيةٍ شديدة»، وليست حاجةً شعبيةً أو مطلباً لدى المصارف المحلية أو الجمهور.

هذه جردةٌ «نقدية» سريعة، مقدّرين إجماعكم على تمرير قانون «العقوبات»... قانون أقل ما يقال فيه إنه «قانون متخلف ورجعي بامتياز»

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1222 - الإثنين 09 يناير 2006م الموافق 09 ذي الحجة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً