يجادل بعض اقتصاديينا بعدم سلامة قيام الدولة بتحديد حد أدنى للأجر كون مستويات هذا الأجر تخضع لقوانين العرض والطلب، وبالتالي فان هذه القوانين كفيلة بتحديد مستويات الأجر المناسبة لكل عمل. وقد يكون هذا الكلام صحيحا لو ان قوانين العرض والطلب لدينا تعمل بصورة صحيحة ومن دون تخريب أو تشويه. فإذا أخذنا اسواق العمل مثلاً، نلاحظ ان قوانين العرض والطلب لا يمكن ان تستطيع وحدها تحديد مستويات الأجر، كون أسواق استيراد العمالة الرخيصة مفتوحة على مصراعيها، ويمكن من خلال هذه العمالة ابقاء مستويات الأجر منخفضة بغض النظر عن حقيقة الاشتراطات الداخلية ومستويات الإنفاق المحلية التي يجب ان تؤثر على هذه المستويات.
وثانيا، تبرز تشوهات قوانين العرض والطلب في القطاعات الاخرى من الاقتصاد وتتمثل هذه التشوهات في الفساد الاداري والمالي والرشا، علاوة على الاحتكار في بعض الخدمات، وهذه كلها عوامل تؤثر بشكل أو بآخر على مستويات الأجور. لذلك لابد ان يكون هناك تدخل من قبل الدولة في هذا الموضوع.
وعلى رغم الكثير من الاصلاحات التي تقوم بها البحرين، فلاتزال الكثير من القطاعات الاقتصادية كالتجارة والمقاولات والسياحة تعاني من مراوحة على رغم ارتفاع اسعار النفط وهو ما يجسد ظاهرة الاقتصاد المجزأ، إذ إن القيمة المضافة المولدة من النفط لا يعاد استثمارها في تحريك الاقتصاد، فجزء كبير منها يذهب للنفقات الاستهلاكية وتخفيض العجز اما الجزء المستثمر في مشروعات انتاجية فان القيمة المضافة المولدة للقطاع الخاص لا يقوم هذا القطاع بإعادة استثمارها كاملها، إذ ان جزءاً من أرباحه المحققة تذهب للاستثمار في الخارج او في هيئة ودائع مجمدة مع المصارف، اما الجزء الذي يذهب الى الرواتب والاجور فإن العمالة الأجنبية تتسلم معظمه لتقوم بتحويله الى بلدانها الأصلية
العدد 1222 - الإثنين 09 يناير 2006م الموافق 09 ذي الحجة 1426هـ